صفحة جزء
1454 - وعن عائشة - رضي الله عنها - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن ، يطأ في سواد ، ويبرك في سواد ، وينظر في سواد ، فأتي به ليضحي به ، قال : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش ، فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . رواه مسلم .


1454 - ( وعن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش ) أي : بأن يؤتى به إليه . ( أقرن ، يطأ ) أي : يمشي . ( في سواد ) قيل : هو مجاز عن سواد القوائم . ( ويبرك ) أي : يضجع . ( في سواد ) : عن سواد البطن . ( وينظر في سواد ) : عن سواد العين ، وقيل : أرادت بذلك أن الكبش كان على ما يلي أظلافها من الأكارع لمعة سواد ، وعلى الركبتين ، والمحاجر ، وهي حوالي عينيه ، وباقيه أبيض . ( فأتي به ) أي : فجيء بالكبش . ( ليضحي به ) : علة لأمره - عليه الصلاة والسلام - ( قال : يا عائشة ، هلمي المدية ) أي : هاتيها . قال الطيبي : بنو تميم تثني وتجمع وتؤنث ، وأهل الحجاز يقولون : هلم في الكل اهـ . ومنه قوله تعالى : قل هلم شهداءكم أي : أحضروهم ، وبهذا يظهر وجه ضعف قول ابن حجر أي : تعالي بها ، والمدية : بضم الميم أصح من الكسر والفتح ، أي : السكين . ( ثم قال : اشحذيها ) : بفتح الحاء المهملة أي : حدي المدية . ( بحجر ) أي : من أحجار المسن أو مطلقا . ( ففعلت ) وفي خبر مسلم : وليحد أحدكم شفرته وهي بفتح أوله السكين العظيم ، ويكره حدها قبالة الذبيحة ; لأن عمر ضرب بالدرة من رآه يفعل ذلك ، وكره ذبح أخرى قبالتها لخبر فيه . ( ثم أخذها وأخذ الكبش ، فأضجعه ) أي : أرقده على جنبه . ( ثم ذبحه ) أي : أراد ذبحه . ( ثم قال : بسم الله ) : قال الطيبي : ثم هذه للتراخي في الرتبة ، وأنها هنا هي المقصودة [ ص: 1079 ] الأولية ، وإلا فالتسمية مقدمة على الذبح . ( اللهم تقبل من محمد وآل محمد ) ، ومن أمة محمد . قال الطيبي : المراد المشاركة في الثواب مع الأمة ; لأن الغنم الواحد لا يكفي عن اثنين فصاعدا اهـ . قال ابن الملك : ولكن إذا ذبح واحد عن أهل بيت بشاة تأدت السنة لجميعهم ، وهذا الحديث قال الشافعي ، وأحمد ، ومالك : والمستحب للرجل أن يقول إذا ذبح أضحية : أضحي هذا عني وعن أهل بيتي ، وكره هذا عند أبي حنيفة اهـ .

وفيه أن نقل الطيبي وابن الملك متنافيان ، وليس في الحديث دلالة على الجواز المنقول ، ولا على منعه ، ولا على الاستحباب المذكور ، بل لما دعا - صلى الله عليه وسلم - لنفسه - وهو رحمة للعالمين - شاركه آله وأمته في قبول أضحياتهم ، أو من مطلق عباداتهم . ( ثم ضحى ) ، أي : فعل الأضحية بذلك الكبش ، وهذا يؤيد تأويلنا قوله : ثم ذبحه ، بأنه أراد ذبحه . وقال الطيبي نقلا عن الأساس : أو غدى ، والظاهر أنه مجاز ، والحمل على الحقيقة أوفى مهما أمكن ، ثم معنى غدى أي : غدى الناس به أي : جعله طعام غداء لهم . ( رواه مسلم ) قال ميرك : وأبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية