صفحة جزء
1526 - وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ، ونهانا عن سبع . أمرنا : بعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، وإجابة الداعي ، وإبرار المقسم ، ونصر المظلوم ، ونهانا عن خاتم الذهب ، وعن الحرير ، والإستبرق ، والديباج ، والميثرة الحمراء والقسي ، وآنية الفضة - وفي رواية : - وعن الشرب في الفضة ; فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة - متفق عليه .


1526 - ( وعن البراء بن عازب قال : أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ، ونهانا عن سبع ، أمرنا : بعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، وإجابة الداعي ، وإبرار المقسم ) أي : الحالف يعني : جعله بارا ، صادقا في قسمه ، أو جعل يمينه صادقة ، والمعنى أنه لو حلف أحد على أمر مستقبل ، وأنت تقدر على تصديق يمينه ، ولم يكن فيه معصية ، كما لو أقسم أن لا يفارقك حتى تفعل كذا ، وأنت تستطيع فعله ، فافعل كيلا يحنث . وقيل : هو إبراره في قوله : والله ، لتفعلن ، كذا قال الطيبي : قيل : هو تصديق من أقسم عليه ، وهو أن يفعل ما سأله الملتمس ، وأقسم عليه أن يفعله يقال : بر وأبر القسم إذا صدقه . ( ونصر المظلوم ) : قال في شرح السنة : هو واجب يدخل فيه المسلم والذمي ، وقد يكون ذلك بالقول وقد يكون بالفعل وبكفه عن الظلم .

( ونهانا عن خاتم الذهب ) : بفتح التاء ويكسر ، أي : عن لبسه . ( وعن الحرير ) أي : الثوب المنسوج من الإبريسم اللين . ( والإستبرق ) : المنسوج من الغليظ . ( والديباج ) : الرقيق ، وقيل : الحرير المركب من الإبريسم وغيره مع غلبة الإبريسم ، والمراد بها الأنواع والتفصيل لتأكيد التحريم . ( والميثرة الحمراء ) : بالياء ، الوطاء على السرج ، والمنهي عنها ما كانت من مراكب العجم من ديباج أو حرير ، ولعل النهي إنما ورد في الحمراء كذلك ، لكن ما كان من حرير أو ديباج فحرام على أي لون كان وما لم يكن منهما ، وكانت حمراء فمكروه لرعونتها ، كذا حرره السيد ، وقيل : الميثرة ما غشيت السروج تتخذ من الحرير ، وقيل : هي سروج من الديباج ، وهي وسادة تجعل أو توضع في السرج ، وهو مكروه إن كان من الحرير في النهاية : الميثرة بكسر الميم مفعلة من الوثار ، يقال : وثر وثارة فهو وثير أي : وطئ لين ، وأصلها موثرة فقلبت الواو ياء لكسرة الميم ، وهي من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج ، وتتخذ كالفراش الصغير ، وتحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب تحته على الرحال والسروج . قال الطيبـي : وصفها بالحمراء ; لأنها كانت الأغلب في مراكب الأعاجم ، يتخذونها [ ص: 1122 ] رعونة . في شرح السنة : إن كانت الميثرة من ديباج فحرام ، وإلا فالحمراء منهي عنها لما روي أنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عن ميثرة الأرجوان . وقال القاضي : توصيفها بالحمرة لأنها كانت الأغلب في مراكب الأعاجم ، يتخذونها رعونة . ( والقسي ) : بفتح القاف وتشديد السين والياء . في الفائق : القسي ضرب من ثياب كتان مخلوط بحرير يؤتى به من مصر ، نسب إلى قرية على ساحل البحر يقال لها : القس ، وقيل القس : القز ، وهي رديء الحرير ، أبدلت الزاي : سينا . قال ابن الملك : والنهي إما لغلبة الحرير ، أو لكونها ثيابا حمراء .

قال ميرك : فإن قلت : ما الفرق بين هذه الأربعة ؟ قلت : الحرير اسم عام ، والديباج نوع منه ، والإستبرق نوع من الديباج ، والقسي ما يخالطه الحرير أو رديء الحرير ، وفائدة ذكر الخاص بعد العام بيانا لاهتمام بحكمه ، ودفع توهم أن تخصيصه باسم مستقل ينافي دخوله تحت الحكم العام ، والإشعار بأن هذه الثلاثة غير الحرير نظرا إلى العرف ، وكونها ذوات أسماء مختلفة مقتضية لاختلاف مسمياتها . ( وآنية الفضة ) : والذي أولى ، مع أنه صرح به في حديث آخر . قال الخطابي : وهذه الخصال مختلفة المراتب في حكم العموم والخصوص والوجوب ، فتحريم خاتم الذهب وما ذكر عنه من لبس الحرير والديباج خاص للرجال ، وتحريم آنية الفضة عام للرجال والنساء ; لأنه من باب السرف والمخيلة .

( وفي رواية : وعن الشرب ) : بضم الشين وبفتح وفي معناه الأكل . ( في الفضة ) : والذهب بالطريق الأولى . ( فإنه ) أي : الشأن . ( من شرب فيها في الدنيا ) أي : ثم مات ولم يتب . ( لم يشرب فيها في الآخرة ) : قال المظهر : أي : من اعتقد حلها ومات عليه ) ; فإنه كافر ، وحكم من لم يعتقد ذلك خلاف ذلك : فإنه ذنب صغير غلظ وشدد للرد والارتداع اهـ .

قال الطيبـي : قوله : لم يشرب فيها كناية تلويحية عن كونه جهنميا ; فإن الشرب من أواني الفضة من دأب أهل الجنة لقوله تعالى : قوارير قوارير من فضة ، فمن لم يكن هذا دأبه لم يكن من أهل الجنة فيكون جهنميا ، فهو كقوله : إنما يجرجر في بطنه نار جهنم اهـ .

والأظهر أن يقال : إنه لم يشرب في الآخرة مدة عذابه ، أو وقت وقوفه وحسابه ، أو في الجنة مدة ينسى مدة شرابه ، ونظير ذلك ما صح في الحرير : " من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " وفي الخمر : " من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة " قيل : ويمكن أن يخلق الله آنية ولباسا وشرابا غير ما ذكر لمن حرمه ، ويكون نقصا في مرتبته لا عقابا في حقه . ( متفق عليه قال ميرك : واللفظ للبخاري ، وقال مسلم : " وإفشاء السلام " . وهو يحتمل السلام ، ورده ، ورواه النسائي ، وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية