صفحة جزء
[ ص: 1123 ] 1528 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى يقول يوم القيامة : يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني . قال : يا رب ، كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ ! قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم ، استطعمتك فلم تطعمني . قال : يا رب ، كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ ! قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم ، استسقيتك فلم تسقني . قال : يا رب ، كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ ! قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي ؟ " رواه مسلم .


1528 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة ) : على لسان ملك أو بلا واسطة بالوحي العام ، أو بالإلهام في قلوب الأنام ، أو بلسان الحال معاتبا لابن آدم في تلك الأحوال بما قصر في حق أوليائه بالأفضال . ( يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني ) : أراد به مرض عبده ، وإنما أضاف إلى نفسه تشريفا لذلك العبد ، فنزله منزلة ذاته ، والحاصل أن من عاد مريضا لله فكأنه زار الله . ( قال : يا رب ، كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ ! ) : حال مقررة لجهة الإشكال الذي يتضمنه . ( كيف ) أي : المرض إنما يكون للمريض العاجز ، وأنت القاهر القوي المالك . فإن قيل : الظاهر أن يقال : كيف تمرض مكان كيف أعودك ؟ ! قلنا : عدل عنه معتذرا إلى ما عوتب عليه . وهو مستلزم لنفي المرض . ( قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني ) أي : لوجدت رضائي ( عنده ؟ ) : وفيه إشارة إلى أن للعجز والانكسار عنده تعالى مقدارا واعتبارا ، كما روي : أنا عند المنكسرة قلوبهم لأجلي . قال الطيبـي : وفي العبارة إشارة إلى أن العيادة أكثر ثوابا من الإطعام والإسقاء الآتيين ، حيث خص الأول بقوله : وجدتني عنده ؟ فإن فيه إيماء إلى أن الله تعالى أقرب إلى المنكسر المسكين اهـ .

وقيل : العجز والانكسار ألصق وألزم هناك . والعيادة أفضل من العبادة ، وإن كانتا في الصورة واحدة ، فالعيادة أزيد إما بنقطة وهي درجة ، أو بثمان مراتب . فإن الباء اثنان والياء عشرة ، هذا وفيه إشارة إلى حديث : " لا يزال عبدي يتقرب " إلخ ، وقد قيل : لم يرد في الثواب أعظم من هذا . ( يا ابن آدم ، استطعمتك ) أي : طلبت منك الطعام . ( فلم تطعمني ؟ . قال : يا رب ، كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ ! ) أي : والحال أنك تطعم ولا تطعم ، وأنت غني قوي على الإطلاق ، وإنما العاجز يحتاج إلى الإنفاق . ( قال : أما علمت أنه ) أي : الشأن . ( استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك ) أي : ثواب إطعامه . ( عندي ؟ يا ابن آدم ، استسقيتك ) أي : طلبت منك الماء . ( فلم تسقني ) : بالفتح والضم في أوله . ( قال : يا رب ، كيف أسقيك ) : بالوجهين . ( وأنت رب العالمين ؟ ! ) أي : مربيهم غير محتاج إلى شيء من الأشياء فضلا عن الطعام والماء . ( قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقيه ، أما ) : بالتخفيف للتنبيه . ( إنك ) : بكسر الهمزة ، وفي نسخة : " أما علمت أنك " بفتح الهمزة . ( لو سقيته وجدت ) : بلا لام هنا إشارة إلى جواز حذفها . ( ذلك عندي ؟ ) : فإن الله لا يضيع أجر المحسنين . وفي الحديث بيان أن الله تعالى عالم بالكائنات يستوي في علمه الجزئيات والكليات ، وأنه مبتل عباده بما شاء من أنواع الرياضات ، ليكون كفارة للذنوب ، ورفعا للدرجات العاليات . ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية