صفحة جزء
[ ص: 1129 ] 1538 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك ، فمسسته بيدي فقلت : يا رسول الله ، إنك لتوعك وعكا شديدا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم " . قال : فقلت : ذلك لأن لك أجرين ؟ فقال : " أجل " . ثم قال : " ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه ، إلا حط الله تعالى به سيئاته ، كما تحط الشجرة ورقها " متفق عليه .


1538 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك ) : الوعك : حرارة الحمى وألمها ، وقد وعكه المرض وعكا ، ووعكة فهو موعوك أي : اشتد به . ( فمسسته بيدي ) : صحاح : مسست الشيء بالكسر أمسه هي اللغة الفصيحة ، وحكى أبو عبيد : مسست بالفتح أمسه بالضم . ( فقلت : يا رسول الله ، إنك لتوعك وعكا ) : بسكون العين . ( شديدا ) : وهو بيان للواقع ، وأما قول ابن حجر : كأنه إنما ذكر ذلك ليعلم جواب ما انقدح عنده من أن البلايا سبب لتكفير الذنوب ، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا ذنب له فغير مطابق لقول الراوي . فقلت : لأن لك أجرين ومعارض لكلام نفسه هناك أنه جواب لما انقدح عنده ، بأن المصائب قد تكون لمجرد رفع الدرجات ، ومع هذا غير مطابق لجوابه - عليه الصلاة والسلام - أيضا كما قال الراوي . - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أجل ) أي : نعم ، فإنه تقرير لقول الراوي : وعكا شديدا مع زيادة تحرير بقوله : ( إني أوعك ) : على بناء المجهول أي : يأخذني الوعك . ( كما يوعك رجلان ) : يعني مثل ألم وعك رجلين . ( منكم " قال ) أي : عبد الله . ( فقلت : ذلك ) أي : وعك رجلين ( لأن لك أجرين ؟ ) : يحتمل أن يكون المراد بالتثنية التكثير . ( فقال : " أجل ) أي : نعم . ( ثم قال ) أي : - صلى الله عليه وسلم - ( ما من مسلم يصبه أذى ) أي : ما يؤذيه ويتعبه . ( من مرض فما سواه ) أي : فما دونه أو غيره مما تتأذى به النفس . ( إلا حط الله تعالى به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ) قال الطيبـي : شبه حال المريض وإصابة المرض جسده ، ثم محو السيئات عنه سريعا بحالة الشجرة وهبوب الرياح الخريفية ، وتناثر الأوراق منها ، فهو تشبيه تمثيلي ، ووجه الشبه الإزالة الكلية على سبيل السرعة . قال ابن الملك : وفيه إشارة عظيمة ; لأن كل مسلم لا يخلو عن كونه متأذيا . ( متفق عليه ) قال ميرك : ورواه النسائي .

وأخرج ابن سعد في الطبقات ، والبخاري في الأدب ، وابن ماجه ، والحاكم ، وصححه البيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي سعد قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محموم ، فوضعت يدي من فوق القطيفة فوجدت حرارة الحمى فوق القطيفة . فقلت : ما أشد حماك يا رسول الله ! قال : " إنا كذلك معشر الأنبياء يضاعف علينا الوجع ليضاعف لنا الأجر " . قلت أي الناس أشد بلاء ؟ قال : " الأنبياء ، ثم الصالحون وإن كان الرجل . " وفي رواية : " النبي ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة فيجوبها فيلبسها ، وإن كان أحدهم ليبتلى بالقمل حتى يقتله القمل ، وكان ذلك أحب إليهم من العطايا إليكم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية