صفحة جزء
1619 - وعنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : إن الروح إذا قبض تبعه البصر ; فضج ناس من أهله فقال : " لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ; فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " : ثم قال : " اللهم اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، وأفسح له في قبره ، ونور له فيه " . رواه مسلم .


1619 - ( وعنها ) أي : عن أم سلمة . ( قالت : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق بصره ) بفتح الشين وفتح الراء إذا نظر إلى شيء لا يرتد إليه طرفه ، وضم الشين منه غير مختار ، نقله السيد عن الطيبـي ، وقال النووي : شق بصره بفتح الشين وضم الراء أي : بقي بصره مفتوحا هكذا ضبطناه وهو المشهور ، وضبطه بعضهم بفتح الراء وهو صحيح أيضا ، والشين مفتوحة بلا خلاف نقله ميرك ، وحكى الجوهري عن ابن السكيت : أنه يقال : شق بصر الميت ولا يقال : شق الميت بصره ، وهو الذي حضره الموت ، وصار ينظر إلى الشيء ولا يرتد إليه طرفه ، ذكره [ ص: 1168 ] الجزري وكذا صاحب القاموس . ( فأغمضه ) أي : غمض عينيه - صلى الله عليه وسلم - لئلا يقبح منظره ، والإغماض بمعنى التغميض والتغطية . ( ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : " إن الروح إذا قبض ) قال الطيبـي : علة للإغماض ; لأن الروح إذا فارق . ( تبعه البصر ) أي : في الذهاب فلم يبق لانفتاح بصره فائدة أو علة للشق أي : المحتضر يتمثل له الملك المتولي لروحه فينظر إليه شزرا ولا يرتد طرفه حتى تفارقه الروح ، أو تضمحل بقايا قوى البصر ، ويبقى الحصر على تلك الهيئة ، ويعضده ما روى أبو هريرة أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألم تروا أن الإنسان إذا مات شخص بصره " . قالوا : بلى . قال : " فذلك حتى يتبع بصره نفسه " . أخرجه مسلم وغير مستنكر من قدرة الله تعالى أن يكشف عنه الغطاء ساعتئذ حتى يبصر ، قلت : يؤيده : فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد . ( فضج ) بالجيم المشددة أي : رفع الصوت بالبكاء ، وصاح بالناس من أهله فقال : ( لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ) وفي رواية نسكتهم ، بالنون والتاء ، فقال : إلخ قال المظهر : أي : لا تقولوا شرا ووائلا أو الويل لي ، وما أشبه ذلك ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ويحتمل أن يقال : أنهم إذا تكلموا في حق الميت بما لا يرضاه الله تعالى حتى يرجع تبعته إليهم فكأنهم دعوا على أنفسهم بشر ويكون المدى كما في قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم أي : بعضكم بعضا اهـ . ويؤيد الأول قوله : ( فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ) أي : في دعائكم من خير أو شر . ( ثم قال : اللهم اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديين ) بتشديد الياء الأولى أي : الذين هداهم الله للإسلام سابقا والهجرة إلى خير الأنام . ( واخلفه ) بهمزة الوصل وضم اللام من خلف يخلف إذا قام مقام غيره بعده في رعاية أمره ، وحفظ مصالحه أي : كن خلفا أو خليفة له . ( في عقبه ) بكسر القاف ، قال الطيبـي : أي : في أولاده وإلا ظهر من يعقبه ويتأخر عنه من ولد وغيره ، ولذا أبدل عن عقبه لقوله : ( في الغابرين ) بإعادة الجار ، وقال الطيبـي : أي : الباقين في الأحياء من الناس ) ، فقوله في الغابرين حال من عقبه ، أي : أوقع خلافتك في عقبه كائنين في جملة الباقين من الناس . ( واغفر لنا ) يصح أنها لتعظيم نفسه الشريفة وله ولغيره من الصحابة أو الأمة . ( وله ) أي : أبي سلمة خصوصا ، وكرر ذكره تأكيدا . ( يا رب العالمين ، وأفسح له ) أي : وسع . ( في قبره ) دعاء بعدم الضغطة . ( ونور له فيه ) أي : في قبره ، أراد به دفع الظلمة . ( رواه مسلم ) الأخصر أنه كان يجمل ويقول : روى الأحاديث الأربعة مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية