صفحة جزء
[ ص: 1216 ] 1695 - وعن سفيان التمار : أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ، رواه البخاري .


1695 - ( وعن سفيان ) هو ابن دينار ، كوفي من أتباع التابعين . ( التمار ) بتشديد الميم الذي يبيع التمر . ( أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ) بتشديد النون المفتوحة . قال الطيبي : هو أن يجعل كهيئة السنام ، وهو خلاف تسطيحه ، وقال السيد جمال الدين : المسنم المحدب كهيئة السنام ، خلاف المسطح ، وهو المربع ، قال في الأزهار : احتج مالك وأبو حنيفة وأحمد بهذا الحديث على أن التسنيم في شكل القبور أفضل من التسطيح ، وقال الشافعي : التسطيح أفضل ; لأن القاسم بن محمد قال : رأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء ، أي : مبسوطة بالرمال ، ولا يكون إلا مسطحا ، وروي : أنه صلى الله عليه وسلم سطح قبر ابنه ، ورش عليه الماء . قال السيد : والظاهر أن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير عما كان في القديم ، وجعل مسنما ; لأن جداره سقط في زمن الوليد بن عبد الملك : وقيل في زمن عمر بن عبد العزيز اهـ . وتبعه ابن حجر ، وهو غير ظاهر ، ولا يظن بهم هذا الظن ، وفي شرح الهداية لابن الهمام قال أبو حنيفة : حدثنا شيخ لنا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن تربيع القبور ، وتجصيصها ، وروى ابن الحسن : أخبرنا أبو حنيفة ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم قال : أخبرني من رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر أبي بكر وعمر ناشزة من الأرض ، وعليها فلق من مدر أبيض . ( رواه البخاري ) وقال ابن الهمام : ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه ، ولفظه عن سفيان : دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر أبي بكر وعمر مسنمة ، وما عورض به مما روى أبو داود عن القاسم بن محمد قال : دخلت على عائشة فقلت : يا أمت اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا مشرفة ، ولا لاطئة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء ، ليس معارضا لهذا ، حتى يحتاج إلى الجمع بأدنى تأمل ، وأيضا ظهر أن القاسم أراد أنها مسنمة براوية أبي حفص بن شاهين في كتاب الجنائز بسنده عن جابر قال : سألت ثلاثة كلهم له في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أب سألت أبا جعفر : محمد بن علي ، وسألت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وسألت سالم بن عبد الله أخبروني عن قبور آبائكم في بيت عائشة ، فكلهم قالوا : إنها مسنمة اهـ . ومما يؤيد مذهبنا أن التسطيح صار شعار الروافض ، وكأنهم أخذوا من أمر علي تسوية المشرف في الخبر الآتي ، ولا دلالة فيه لا على التسطيح كما قال ابن حجر ، ولا على التسنيم كما قاله غيره ، بل فيه مبالغة للزجر على البناء ، وإلا فلا يجوز تسويته بالأرض حقيقة ، إذ السنة أن يعلم القبر ، وأن يرفع شبرا كقبره صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن حبان في صحيحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية