صفحة جزء
152 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : هجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، قال : فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية ، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف في وجهه الغضب ، فقال : إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب " . رواه مسلم .


152 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) : بالواو رضي الله عنهما ( قال : هجرت ) : بالتشديد أي أتيت في الهاجرة أي الظهيرة ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) . قال المظهر : التهجير السير في الهاجرة وهي وقت شدة الحر ، ولعل خروجه في هذا الوقت ليدركه عليه الصلاة والسلام عند خروجه من الحجرة فلا يفوته شيء من أقواله وأفعاله ، وفيه حث على تحمل المشقة والإسراع إلى المسجد وطلب العلم ( يوما ) : أي من الأيام أو التنوين للتعظيم ( قال ) ، أي : عبد الله ( فسمع ) ، أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجرته ( أصوات رجلين ) : صرح الرضي بأنه إذا أضيف الجزءان إلى متضمنيهما ، وكان المتضمنان بلفظ واحد ، فلفظ الإفراد في المضاف أولى من لفظ المثنى ، ولفظ الجمع فيه أولى من الإفراد ، ولكن في عد الأصوات أجزاء منهما محل نظر ، والظاهر أن جمع الأصوات [ ص: 238 ] على حقيقته ، فإن كل حرف من كلمات الرجلين صوت معتمد على مخرجه ، وفي تفسير الجلالين عند قوله تعالى : فقد صغت قلوبكما أطلق قلوب على قلبين ، ولم يعبر به لاستثقال الجمع بين تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة ( اختلفا ) : صفة رجلين ، أي : تنازعا واختصما ( في آية ) ، أي : في معنى آية متشابهة ، ويحتمل أن يكون اختلافهما في لفظها اختلاف قراءة ( فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف ) : على بناء المجهول ( في وجهه الغضب ) : الجملة حالية من فاعل خرج ، وكان عليه الصلاة والسلام لا يغضب لنفسه وإنما كان يغضب لله ، فيشتد به ذلك الغضب حتى يرى أثره من حمرة اللون ونحوها في وجهه الكريم ( فقال : إنما هلك من كان قبلكم ) : أي من اليهود والنصارى ( باختلافهم في الكتاب ) ، أي : المنزل على نبيهم بأن قال كل واحد منهم ما شاء من تلقاء نفسه ، وتقدم في كلام النووي بيان الاختلاف المنهي ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية