صفحة جزء
1699 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " . رواه مسلم .


1699 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة ) أي : من النار . ( فتحرق ) بضم التاء وكسر الراء . ( ثيابه فتخلص ) بضم اللام أي : تصل . ( إلى جلده ) قال الطيبي : جعل الجلوس على القبر ، وسراية مضرته إلى قلبه وهو لا يشعر بمنزلة سراية النار من الثوب إلى الجلد . ( خير له ) أي : أحسن له وأهون . ( من أن يجلس على قبر ) الظاهر عمومه ، وأما قول ابن حجر : أي : لمسلم ، ولو جوز أن يختص فمحتاج إلى دليل مخصص ، مع أنه منقوض بما سيأتي من كلامه ، فإن الميت تدرك روحه ما يفعل به فيحس ، ويتأذى كما يتأذى الحي اهـ .

ولا شك أن الجزء الذي يتعلق به الروح لا يبلى ، لا سيما عجب الذنب ، كما صح في الأحاديث في الأزهار ، نقلا [ ص: 1218 ] عن بعض العلماء : الأولى أن يحمل من هذه الأحاديث ما فيه التغليظ على الجلوس للحدث ، فإنه يحرم ، وما لا تغليظ فيه على الجلوس المطلق فإنه مكروه ، وهذا تفصيل حسن ، والاتكاء والاستناد كالجلوس المطلق نقلهالسيد جمال الدين ، قال ابن حجر : وظاهره حرمة القعود عليه ، ومثله الاتكاء والاستناد ودوسه ، وجرى على ذلك في شرح مسلم عن الأصحاب ، لكن ما عليه الشافعي والجمهور كراهة ذلك تنزيها ، وغلط ما في شرح مسلم ، وإن انتصر له بعضهم ، بأنه الأصح المختار للخبر ، وليس كما قال لأن أبا هريرة راوي الحديث ، وتفسير راويه مقدم على تفسير غيره ، وقد فسر في الحديث القعود للبول والغائط ، على أن ابن وهب رواه في مسند عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ : من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط ، وهذا حرام إجماعا ، فليس الكلام فيه ، قال : ولا يكره دوسه لحاجة كحفر ، أو قراءة عليه ، أو زيارة ، ولو لأجنبي للاتباع ، صححه ابن حبان ، ولأنه مع الحاجة ليس فيه انتهاك حرمة الميت ، بخلافه مع عدم الحاجة ، هذا كله قبل البلى ، أما بعده فلا حرمة ، ولا كراهة مطلقا لعدم احترامه أيضا اهـ . وفي اعتبار الحاجة لغير الحفر نظر ظاهر ، وكذا في تقييده بما قبل البلى لمعارضته ظاهر النصوص ، والله أعلم . ( رواه مسلم قال ميرك : ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية