صفحة جزء
153 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على الناس ، فحرم من أجل مسألته " . متفق عليه


153 - ( وعن سعد بن أبي وقاص ) : - رضي الله عنه - هو من العشرة المبشرة بالجنة ، يكنى أبا إسحاق ، واسم أبي وقاص : مالك بن وهيب الزهري القرشي ، أسلم قديما وهو ابن سبع عشرة سنة وقال : كنت ثالث الإسلام ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله ، شهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان مجاب الدعوة مشهورا بذلك ، تخاف دعوته وترجى لاشتهار إجابتها عندهم ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : اللهم سدد سهمه وأجب دعوته وجمع له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللزبير أبويه فقال لكل واحد منهما : ( فداك أبي وأمي ) ولم يقل ذلك لأحد غيرهما ، مات في قصره بالعقيق قريبا منالمدينة ، فحمل على رقاب الرجال إلى المدينة ، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة ، ودفن بالبقيع سنة خمس وخمسين ، وله بضع وسبعون سنة ، وهو آخر العشرة موتا ، ولاه عمر وعثمان الكوفة ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن أعظم المسلمين في المسلمين ) ، أي : في حقهم وجهتهم ( جرما ) : تمييز أي ذنبا وظلما كائنا فيهم . قال الطيبي : أصله أجرم المسلمين فعدل إلى أعظم ، ثم فسر بـ ( جرما ) ليدل على أن الأعظم نفسه جرم ( من سأل ) ، أي : نبيه ( عن شيء ) : بالتنكير ( لم يحرم ) : بصيغة المجهول من التحريم ( على الناس ) : الجملة صفة شيء بأن يسأل هل هو حرام أم لا ؟ ( فحرم من أجل مسألته ) . ، أي : فحرم ذلك الشيء لأجل سؤاله لأنه متعد في سؤاله ، إذ أمر بالسكوت ونهي عن النطق فعوقب بتحريم ما سأل عنه كذا قاله بعض الشراح .

وقال الطيبي : هذا في حق من سأل عبثا وتكلفا فيما لا حاجة به إليه كمسألة بني إسرائيل في شأن البقرة دون من يسأل سؤال حاجة ، فإنه يثاب ، واحتج بهذا الحديث من قال : أصل الأشياء الإباحة قبل ورود الشرع حتى يقوم دليل الحظر .

[ ص: 239 ] وقال ابن الملك : لأنه إن سكت عليه الصلاة والسلام عن جوابه يكون ردعا لسائله ، وإن أجاب عنه كان تغليظا له ، فيكون بسببه تغليظا على غيره ، وإنما كان أعظم جرما لتعدي جنايته إلى جميع المسلمين بشؤم لجاجه ، وأما من سأل لاستبانة حكم واجب أو مندوب أو مباح قد خفي عليه فلا يدخل في هذا الوعيد قال تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( متفق عليه ) . قيل : لفظ : " في المسلمين " ليس للبخاري ، وكذا لفظ " على الناس " .

التالي السابق


الخدمات العلمية