صفحة جزء
[ ص: 1222 ] 1706 - وعنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال : رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن . رواه الترمذي ، وقال في شرح السنة : إسناده ضعيف .


1706 - ( وعنه ) أي : عن ابن عباس . ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ) أي : قبر ميت ليدفنه . ( ليلا ) قال ابن الملك : يدل على أن دفن الميت ليلا لا يكره . ( فأسرج ) ماض مجهول . ( له ) أي : للميت ، أو للنبي صلى الله عليه وسلم . ( بسراج ) أقيم مقام الفاعل ، والباء زائدة ، أي : أسرج على طرف القبر ليضيء . ( فأخذ ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم الميت . ( من قبل القبلة ) في الأزهار : احتج أبو حنيفة بهذا الحديث على أن الميت يوضع في عرض القبر في جانب القبلة بحيث يكون مؤخر الجنازة إلى مؤخر القبر ، ورأسه إلى رأسه ، ثم يدخل الميت القبر ، وقال الشافعي ، والأكثرون : يسل من قبل الرأس بأن يوضع رأس الجنازة على مؤخر القبر ، ثم يدخل الميت القبر للإجماع بعد ذلك عليه ، قلت : لعله أراد بالإجماع اتفاق حفاري بلده أو أهل مذهبه . ( وقال ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم في حق الميت . ( رحمك الله ) دعاء أو إخبار . ( إن كنت ) إن مخففة من الثقيلة ، ولذلك دخلت على فعل من أفعال المبتدأ ، ولزمها اللام الفارقة بينها وبين النافية ، أي : إنك كنت . ( لأواها ) بتشديد الواو أي : كثير التأوه من خشية الله ، أو كثير التضرع من محبة الله ، أو كثير البكاء من خوف ، أو كثير الدعاء لطلب رحمة الله ، في النهاية الأواه المتأوه المتضرع ، وقيل هو كثير البكاء ، أو الكثير الدعاء . ( تلاء ) بتشديد اللام أي : كثير التلاوة أو كثير المتابعة . ( للقرآن ) والمعنى يستحق بهما الرحمة الكاملة ، والمغفرة الشاملة . ( رواه الترمذي ، وقال في شرح السنة : إسناده ضعيف ) قال الشيخ الجزري : كأنه يشير إلى كون المنهال بن خليفة في إسناده ، وقد ضعفه ابن معين ، وقال ابن الهمام : قال الترمذي : حديث حسن اهـ . مع أن فيه الحجاج بن أرطأة ، ومنهال بن خليفة وقد اختلفوا فيهما ، وذلك يحط الحديث عن درجة الصحيح ، لا الحسن اهـ .

قال الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في الحلية : إن الرجل المقبور كان عبد الله ذا البجادين ، نقله السيد ، وفي القاموس البجاد ، ككتاب : كساء مخطط ، وفيه عبد الله ذو البجادين دليل النبي صلى الله عليه وسلم اهـ . وقد ذكر السيوطي حديث ذي البجادين بطرق ، ثم قال : فهذه طرق متعددة تقتضي ثبوت الحديث ، وبه يتبين ضعف قول ابن حجر : ولم يلتفتوا إلى تحسين الترمذي ; لأنه ذكر فيه ما اتفقوا على ضعفه ، ثم قال : قال الشافعي وأصحابه : مع أنه لا يمكن إدخاله من قبل القبلة ; لأن شق قبره المكرم كان لاصقا بالجدار القبلي ، ولحده تحت الجدار ، فلا موضع هناك يوضع فيه ، وحينئذ يسقط تعلق أبي حنيفة بهذا الحديث ، قلت : مع قطع النظر عن المطابقة بين الحديث والدليل إنما هو دليل على أن سله صلى الله عليه وسلم بما كان للضرورة ، فتأمل ، وأنصف ، ولا تتبع المتعسف قال السيوطي : وغالب طرقه عن ابن مسعود قال : والله فكأني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبر عبد الله ذي البجادين ، وأبو بكر وعمر ، يقول : أدنيا مني أخاكما ، وأخذه من قبل القبلة ، حتى أسنده في لحده ، ثم خرج رسول صلى الله عليه وسلم وولاهما العمل ، فلما فرغ من دفنه استقبل القبلة رافعا يديه يقول : اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه ، وكان ذلك ليلا ، فوالله ، لقد رأيتني ولو وددت أني مكانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية