صفحة جزء
1764 - وعن بريدة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر : " السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية " . رواه مسلم .


1764 - ( وعن بريدة ) أي ابن الحصيب ( قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم ) أي الصحابة ( إذا خرجوا إلى المقابر ) أي للزيارة ( أن يقولوا ) عند وصولهم إليها ( السلام عليكم ) وفي رواية أحمد : سلام عليكم ، قال الطيبي : في محل النصب على أنه مفعول ثان لمفعولي يعلم ، أي يعلمهم كيفية التسليم عليهم ، قال الخطابي : فيه أن السلام على الموتى كالسلام على الأحياء ، في تقدم الدعاء على الاسم ، خلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من تقدم الاسم على الدعاء ، قال الحماسي :

عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما

[ ص: 1257 ] ويؤيده قوله - تعالى - رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت وقوله - عز وجل - سلام على إل ياسين ونحوه ، وفيه أبلغ الرد لقول بعض الشافعية وغيرهم أن الأولى عليكم السلام ، لأنهم ليسوا أهلا للخطاب ، مع ظهور بطلان تعليلهم لأنه لا فرق من حيث الخطاب بين تقدمه وتأخره على أن الصواب أن الميت أهل للخطاب مطلقا ، لما سبق من الحديث : " ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام " ، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن قال عليك السلام : " أن عليك السلام " تحية الموتى إخبار عن عادتهم السابقة ، أو المراد بالموتى كفار الجاهلية ، أي تحية موتى القلوب ، فلا تفعلوه ( أهل الديار ) بالنصب على النداء ، ويؤيده ما في الرواية الآتية بياء النداء ، وقال ابن حجر : نصبه على الاختصاص أفصح ، وبالجر على البدل من الضمير ، قال الطيبي : سمى - صلى الله عليه وسلم - موضع القبور دارا لاجتماعهم فيه كالأحياء في الديار ( من المؤمنين ) بيان لأهل الديار ( والمسلمين ) ذكره للتأكيد باعتبار تغاير الوصفين ، أو المراد بـ " المسلمين " المخلصين لوجهه - تعالى - " إنا إن شاء الله بكم للاحقون وفي نسخة : لاحقون ، قيل : معناه إن شاء الله - تعالى - وقيل : " إن " شرطية ، ومعناه : لاحقون بكم في الموافاة على الإيمان ، وقيل : هو للتبرك والتفويض ، كقوله - تعالى - : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وقيل : للتأدب ، عن أحمد بن يحيى ، استثنى الله - تعالى - فيما يعلم ليستثني الخلق فيما لا يعلمون ، وأمر بذلك في قوله - تعالى - ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ذكره الطيبي ، وقيل : التعليق باعتبار اللحوق بخصوص أهل المقبرة ، ذكره الطيبي ( نسأل الله لنا ولكم العافية ) أي الخلاص من المكاره ( رواه مسلم ) قال ميرك : ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه اهـ زاد ابن ماجه : وإنا بكم لاحقون ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم اهـ ولا بأس أن يزيد : واغفر لنا ولهم ، وفي رواية زيادة : أنتم لنا فرط ، ونحن لكم تبع ، والأولى أن يقول ذلك قبالة وجه الميت قبل جلوسه كما في رواية .

التالي السابق


الخدمات العلمية