صفحة جزء
الفصل الثالث

1766 - عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وأتاكم ما توعدون ، غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد " . رواه مسلم .


( الفصل الثالث )

1766 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله ) " من " متعلق بالليلة بمعنى النصيب ، أو المحذوف أي التي تخصها منه - صلى الله عليه وسلم - قال الطيبي : " كلما " ظرف فيه معنى الشرط والعموم وجوابه ( يخرج ) وهو العامل فيه ، وهذا حكاية معنى قولها لا لفظها ، أي كان من عادته أنه إذا بات عندها أن يخرج ( من آخر الليل إلى البقيع ) أي بقيع الغرقد ، وهو موضع بظاهر المدينة ، فيه قبور أهلها ، في النهاية : هو المكان المتسع ولا يسمى بقيعا ، إلا وفيه شجر ، أو أصولها والغرقد شجر ، والآن بقيت الإضافة دون الشجرة ، ( فيقول : السلام عليكم دار قوم ) قيل الدار مقحم ، أو التقدير يا أهل دار قوم ( مؤمنين وأتاكم ) بالقصر أي جاءكم ، قال ابن الملك : وإنما قال أتاكم لأن ما هو آت كالحاضر اهـ أو لتحققه كأنه وقع ، وفي نسخة بالمد أي أعطاكم تحقيقا لقوله - تعالى - ربنا وآتنا ما وعدتنا ( ما توعدون ) أي ما كنتم توعدون به من الثواب ، أو أعم منه ومن العذاب ( غدا ) فهو متعلق بما قبله ، ويحتمل تعلقه بما بعده ، وهو قوله ( مؤجلون ) أي أنتم مؤخرون وممهلون إلى غد ، باعتبار أجوركم ، استيفاء واستقصاء ، فالجملة مستأنفة مبينة أن ما جاءهم من الموعود أمور إجمالية لا أمور تفصيلية ، قال الطيبي : إعرابه مشكل ، إن حمل على الحال المؤكدة من واو على حذف الواو ، والمبتدأ كان فيه شذوذان . قال ابن حجر : وهو سائغ إذا دل عليه السياق ، كما هنا ، وفيه بحث . قال الطيبي : ويجوز حمله على الإبدال من ما توعدون ، أي أتاكم ما تؤجلونه أنتم ، والأجل الوقت المضروب والمحدود في المستقبل ، لأن ما هو آت بمنزلة الحاضر اهـ وهو كما قال ابن حجر : بعيد تكلف جدا ، بل السياق ينبو عنه ( وإنا إن شاء الله بكم ) أي : يا أهل المقبرة بالخصوص ( لاحقون ) لقوله - تعالى - وما تدري نفس بأي أرض تموت قيل : أي تدفن ( اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ) أي مقبرة المدينة ، وفيه أن الدعوة الإجمالية على وجه العموم كافية ( رواه مسلم ) .

[ ص: 1259 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية