صفحة جزء
1798 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " العجماء جرحها جبار ، والبئر جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس " . متفق عليه .


1798 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : العجماء ) أي البهيمة وهي في الأصل تأنيث الأعجم ، وهو الذي لا يقدر على الكلام ، سمي بذلك لأنها لا تتكلم ( جرحها ) بضم الجيم وفتحها والمفهوم من النهاية نقلا عن الأزهري أنه بالفتح لا غير ، لأنه مصدر ، وبالضم الجراحة ، والمراد إتلافها ، قال عياض : إنما عبر بالجرح لأنه الأغلب ، وقيل : هو مثال نبه به على ما عداه ( جبار ) بضم الجيم أي هدر ، قال الطيبي : ولا بد من تقدير مضاف ليصح حمل المبتدأ على الخبر ، أي فعل العجماء هدر باطل . اهـ ، وهو غفلة عن وجود جرحها ، فإنها معه لا تحتاج إلى تقدير ، نعم الجملتان المتأخرتان تحتاجان إلى تقدير ، كما لا يخفى ، يعني إذا أتلفت البهيمة شيئا ولم يكن معها قائد ولا سائق وكان نهارا فلا ضمان ، وإن كان معها أحد فهو ضامن لأن الإتلاف حصل بتقصيره ، وكذا إذا كان ليلا ، لأن المالك قصر في ربطها ، إذ العادة أن تربط الدواب ليلا ، وتسرح نهارا ، كذا ذكره الطيبي ، وابن الملك ( والبئر ) بهمز ويبدل ( جبار ) أي البئر المحفورة بلا تعد إذا وقع فيها أحد ، أو انهار على الحافر فلا ضمان على الحافر في الأول وللأمر في الثاني ( والمعدن جبار ) كالبئر في الوجهين ، قال ابن الملك : إذا حفر أحد بئرا في ملكه أو موات ، ووقع فيها أحد أو دابة لا ضمان على حافرها ، أما إذا حفر على الطريق أو في ملك الغير بغير إذنه فالضمان على عاقلة الحافر ، وكذا إذا حفر واحد موضعا فيه ذهب أو فضة ليخرج منه ووقع فيه أحد أو دابة لا ضمان عليه ، لأنه غير متعد ، وكذلك الفيروزج والطين ، وغير ذلك ، وقال الطيبي - رحمه الله - : إذا استأجر حافرا لحفر البئر أو استخراج المعدن فانهار عليه لا ضمان ، وكذا إذا وقع فيه إنسان فهلك ، إن لم يكن الحفر عدوانا وإن كان ففيه خلاف ( وفي الركاز ) بكسر الراء ( الخمس ) قال الطيبي : الركاز المعدن عند أهل العراق ، من أصحاب أبي حنيفة ، لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عنه فقال : " الذهب الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت " ، ودفين أهل الجاهلية ، عند أهل الحجاز ، وهو الموافق لاستعمال العرب والمناسب لوجوب الخمس فيه ، قيل : والمعنى الأول أنسب بذكر انهيار المعدن ، وقال ابن الملك : اللغة تحتملها لأن كلا مركوز في الأرض أي ثابت ، ويقال ركزه أي دفنه ، قيل : الحديث على رأي الحجاز ، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه ، قال ابن الهمام : الركاز يعم المعدن ، والكنز لأنه من الركز ، مرادا به المركوز ، أعم من كون راكزه الخالق أو المخلوق ، فكان إيجابا فيهما ولا يتوهم عدم إرادة المعدن بسبب عطفه عليه بعد إفادة أنه جبار ، أي هدر لا شيء فيه ، وإلا لتناقص فإن الحكم المعلق بالمعدن ليس هو المعلق في ضمن الركاز ، ليختلف بالسلب والإيجاب ، إذ المراد به أي إهلاكه ، أو الهلاك به للأجير الحافر له ، غير مضمون ، لا أنه لا شيء فيه نفسه ، وإلا لم يجب شيء أصلا ، وهو خلاف المتفق عليه ; إذ الخلاف إنما هو في كميته لا في أصله ، وأما ما روي عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " في الركاز الخمس " ، قيل : وما الركاز يا رسول الله ؟ قال : " الذهب الذي خلقه الله في الأرض ، يوم خلقت الأرض " ، رواه البيهقي ، وذكره في الإمام ، فهو وإن سكت عنه في الإمام مضعف بعبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري . ثم اعلم أن المستخرج من المعدن ثلاثة أنواع : جامد يذوب وينطبع كالنقدين والحديد ونحوه ، وما ليس بجامد كالماء والقير والنفط ، وجامد لا ينطبع كالجص والنورة والزرنيخ ، وسائر الأحجار كالياقوت ، والملح ، ولا يجب الخمس إلا في النوع الأول ، وعند الشافعي لا يجب إلا في النقدين ( متفق عليه ) قال ميرك : ورواه الأربعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية