صفحة جزء
( باب من لا تحل له الصدقة )

( الفصل الأول )

1821 - عن أنس قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة في الطريق فقال : " لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها " . متفق عليه .


( باب من لا تحل له الصدقة )

قيل : هي منحة لثواب الآخرة والهدية أن يملك الرجل تقربا إليه وإكراما له ، ففي الصدقة نوع ترحم وذل للآخذ ولذلك حرمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الهدية ، وأيضا لما كان - صلى الله عليه وسلم - آمرا بالصدقات ومرغبا في المبرات فتنزه عن الأخذ منها براءة لساحته عن الطمع فيها وعن التهمة بالحث عليها ، ولذا قال : " تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم " إيماء إلى أن المصلحة راجعة إليهم وأنه سفير محض مشفق عليهم وهو يحتمل أن يكون بأمر الله - تعالى - أو باجتهاد صدر من مشكاة صدره الأنور وقلبه الأزهر .

( الفصل الأول )

1821 - ( عن أنس قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة ) أي ملقاة ( في الطريق فقال : " لولا أن أخاف أن تكون من الصدقة " ) أي من تمرها ( لأكلتها ) تعظيما لنعمة الله - تعالى - والحديث يدل على حرمة الصدقة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى جواز أكل ما وجد في الطريق من الطعام القليل الذي لا يطلبه مالكه ، وعلى أن الأولى بالمتقي أن يجتنب عما فيه تردد ، وفي الإحياء روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أرق ليلة فقالت له بعض نسائه : أرقت يا رسول الله ؟ قال : " أجل ، وجدت تمرة فخشيت أن تكون من الصدقة " وفي رواية " فأكلتها فخشيت " ، وأما ما روي أن عمر - رضي الله عنه - رأى رجلا ينادي على عنبة التقطها فضربه بالدرة وقال : إن من الورع ما يمقت الله عليه - فمحمول على أنه تبين له من ذلك أنه إنما يقصد به الرياء والسمعة وإظهار الورع هنالك ولخروجه بتصنعه عما عرف من أحوال الصحابة أنهم كانوا يتوضؤون ويمشون حفاة ويصلون من غير نظر إلى أن في الطريق نجاسة أو لا ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجبنة وجبة من المشركين فأكل ولبس ، هذا ولو نظر أحد للاحتمالات البعيدة لم يجد على وجه الأرض حلالا ، ولذا قال بعضهم : لا يتصور الحلال بيقين إلا في الماء النازل من السماء الملتقي باليد مما في الهواء ( متفق عليه ) قال ميرك : ورواه أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية