صفحة جزء
1843 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة : " اليد العليا خير من اليد السفلى ، واليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة " . متفق عليه .


1843 - ( وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو على المنبر وهو ) أي والحال أنه ( يذكر الصدقة ) أي فضلها والحث عليها أو حكم أخذها أو سؤالها ( والتعفف عن المسألة ) قال الطيبي : هو الكف عن الحرام وعن السؤال عن الناس " اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا هي المنفقة " أي المعطية . قال الطيبي : هكذا وقع في صحيح مسلم والبخاري ، وكذا ذكره أبو داود في أكثر الروايات ، وفي رواية له ، وقال ابن عمر : المتعففة من العفة ، ورجح هذه الرواية بأن الكلام في التعفف والسؤال ، والمعنى صحيح على الروايتين فإن المنفقة أعلى من الآخذة والمتعففة أعلى من السائلة ، قيل : الإنفاق يدل على التعفف مع زيادة ويناسب التحريض على الصدقة ، فرواية الشيخين أولى وأصح رواية ودراية اهـ . والتفسير يحتمل أن يكون مرفوعا وموقوفا ، ويؤيد الثاني قول ابن حجر ، وروى أبو داود هذا التفسير عن أكثر الرواة فقال الخطابي : الأرجح ما في أبي داود عن ابن عمر أن العليا هي المتعففة والسفلى هي السائلة لأن السياق في ذكر المسألة والتعفف عنها ، وأغرب ابن حجر في قوله : مردود ، بل الراجح الذي عليه الجمهور هو الرواية الأولى كما قاله النووي لأنه لا منافاة بينهما حيث يمكن جمعهما باعتبار الحالتين لأصحابهما مع أنه إنما أراد الترجيح لرواية المتعففة على المنفقة في هذا المقام لنظام المرام لا لما يترتب عليه أحكام أئمة الأنام " والسفلى هي السائلة " قال الشيخ : [ ص: 1311 ] أبو النجيب السهروردي في آداب المريدين : وأجمعوا أي الصوفية على أن الفقر أفضل من الغنى إذا كان مقرونا بالرضا ، فإن احتج محتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اليد العليا خير من اليد السفلى " ، وقال : اليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي السائلة قيل له : اليد العليا تنالها الفضيلة بإخراج ما فيها ، واليد السفلى تنالها المنقصة بحصول الشيء فيها اهـ وتوضيحه أن الغني بإعطاء بعض المال تقرب إلى الله - تعالى - باختيار الفقر ، والفقير بأخذ بعض المال مال إلى الغنى فتنقص حاله ويخشى مآله ، وفي هذا مبالغة عظيمة ودلالة جسيمة على أفضلية الفقير الصابر على الغني الشاكر لأنه إذا كان حال السائل بهذه المثابة فكيف حال المتعفف والآخذ عند الحاجة والفاقة ، والظاهر أن المراد بالسائل إذا لم يكن مضطرا ، وأما إذا وجب عليه السؤال وغلب عليه الحال فانقلب المثال ، ولهذا قال بعض العارفين أعني خواجة عبيد الله السمرقندي - قدس الله سره - لما سئل : الفقير الصابر أفضل أم الغني الشاكر ؟ فقال : بل الفقير الشاكر ، وهو إما أراد المبالغة أو الشكاية الضرورية أو الإشارة إلى قوله - تعالى - حكاية إنما أشكو بثي وحزني إلى الله والله أعلم ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية