صفحة جزء
( الفصل الثاني )

1846 - عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه ، فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء تركه إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدا " . رواه أبو داود والترمذي والنسائي .


( الفصل الثاني )

1846 - ( عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المسائل " جمع المسألة ، وجمعت لاختلاف أنواعها ، والمراد هنا سؤال أموال الناس ( كدوح ) مثل : صبور للمبالغة من الكدح بمعنى : الجرح ، فالإخبار به عن المسائل باعتبار من قامت به ، أي : سائل الناس أموالهم جارح لهم بمعنى مؤذيهم ، على ما ذكره ابن حجر أو جارح وجهه ، وهو الأظهر فتدبر ، وبضم الكاف جمع كدح ، وهو أثر مستنكر من خدش أو عض ، والجمع هنا أنسب ليناسب المسائل ( يكدح بها الرجل ) أي : يجرح ويشين بالمسائل ( وجهه ) ويسعى في ذهاب عرضه بالسؤال بريق ماء وجهه فهي كالجراحة له ، والكدح قد يطلق على غير الجرح ، ومنه قوله - تعالى - إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ( فمن شاء ) أي : الإبقاء ( أبقى على وجهه ) أي : ماء وجهه من الحياء بترك السؤال والتعفف ( ومن شاء ) أي : عدم الإبقاء ، ( تركه ) أي : ذلك الإبقاء ( إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان ) أي : حكم وملك بيده بيت المال ، فيسأل حقه ، فيعطيه ممن إن كان مستحقا ، قال الطيبي : واختلف في عطية السلطان ، والصحيح إن غلب في يده الحرام من ذلك الجنس لم تحل وإلا حلت يعني : حرم سؤاله ، والأخذ منه كما اختاره الغزالي ، واعتمده النووي في شرح مسلم لكنه بالغ في رده في شرح المهذب ، فيكره ذلك سؤالا وأخذا ، وقد اختلف السلف في قبول عطاء السلطان ، فمنعه قوم ، وأباحه آخرون ( أو في أمر لا يجد منه ) أي : من أجله ( بدا ) أي : علاجا آخر غير السؤال أو لا يجد من السؤال فراقا وخلاصا كما في الحمالة والجائحة والفاقة ; بل يجب حال الاضطرار في العري والجوع ، قال الغزالي : وكذا يجب السؤال على من استطاع الحج فتركه حتى أعسر ، قال ابن حجر : لأنه أوقع نفسه في ورطة الفسق لو مات قبل الحج ، فلزمه أن يخرج عن هذه الزلة المقتضية للفسق بسؤال الأغنياء ما يؤدي به هذا الواجب ، وبهذا يندفع نزاع بعضهم للغزالي في الوجوب ( رواه أبو داود والترمذي والنسائي ) .

[ ص: 1313 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية