صفحة جزء
1958 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه .


1958 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من صام رمضان " ) أي أيامه ، وفيه أنه لا يكره أن يقال : رمضان بدون شهر ، وكرهه بعض العلماء لخبر أنه من أسماء الله ، وهو شاذ ، لأن الخبر الضعيف لا يثبت اسم الله " إيمانا " نصب على أنه مفعول له ، أي للإيمان ، وهو التصديق بما جاء به - صلى الله عليه وسلم - والاعتقاد بفرضية الصوم ، قاله الطيبي ، وقيل : تصديقا لثوابه ، وقيل : نصبه على الحال ، أي مصدقا له ، أو على المصدرية أي صوم إيمان أو صوم مؤمن ، وكذا قوله " واحتسابا " أي طلبا للثواب منه - تعالى - أو إخلاصا أي باعثه على الصوم ما ذكر ، لا الخوف من الناس ، ولا الاستحياء منهم ، ولا قصد السمعة والرياء عنهم ، وقيل : معنى احتسابا اعتداده بالصبر على المأمورية من الصوم وغيره ، وعن النهي عنه من الكذب والغيبة ونحوه ، طيبة نفسه به ، غير كارهة له ، ولا مستثقلة لصيامه ، ولا مستطيلة لأيامه " غفر له ما تقدم من ذنبه " [ ص: 1362 ] أي من الصغائر ويرجى له عفو الكبائر " ومن قام رمضان " أي لياليه أو معظمها ، أو بعض كل ليلة بصلاة التراويح وغيرها ، من التلاوة والذكر والطواف ونحوها ، وقال ابن الملك : غير ليلة القدر ، تقديرا ، أي لما سيأتي التصريح بها تحريرا ، أو معناه أدى التراويح فيها " إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر " سواء علم بها أو لا " إيمانا " أي بوجودها " واحتسابا " لثوابها عند الله - تعالى - " غفر له ما تقدم من ذنبه " وقد سبق في كلام النووي أن المكفرات إن صادفت السيئات تمحوها إذا كانت صغائر ، وتخففها إذا كانت كبائر ، وإلا تكون موجبة لرفع الدرجات في الجنات ، وقال الطيبي : رتب على كل من الأمور الثلاثة أمرا واحدا ، وهو الغفران تنبيها على أنه نتيجة الفتوحات الإلهية ومستتبع للعواطف الربانية قال - تعالى - إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله الآية ، وفى أصل المالكي : من يقم ، قال : وقع الشرط مضارعا والجواب ماضيا لفظا لا معنى ، ونحوه قول عائشة - رضي الله عنها - : إن أبا بكر - رضي الله عنه - رجل أسيف ، متى يقم مقامك رق ، والنحويون يستضعفون ذلك ويراه بعضهم مخصوصا بالضرورة ، والصحيح الحكم بجوازه مطلقا ، لثبوته في كلام أفصح الفصحاء ، وكثرة صدوره عن فحول الشعراء ، أقول : نحوه في التنزيل من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه و من تدخل النار فقد أخزيته ) و إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما قال ابن الحاجب في الأمالي : جواب الشرط " فقد صغت قلوبكما " من حيث الإخبار ، كقولهم : إن تكرمني اليوم فقد أكرمتك أمس ، فالإكرام المذكور شرط وسبب للإخبار بالإكرام الواقع من المتكلم ، لا نفس الإكرام ، فعلى هذا يحمل الجواب في الآية أي : إن تتوبا إلى الله يكن سببا لذكر هذا الخبر ، وهو فقد صغت قلوبكما ، وصاحب المفتاح أول المثال بقوله : فإن تعتد بإكرامك لي الآن فأعتد بإكرامي إياك أمس ، وتأويل الحديث : من يقم ليلة القدر فليحتسب قيامه ، وليعلم أن الله قد حكم بغفرانه قبل ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية