صفحة جزء
الفصل الثالث

1962 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتاكم رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه

ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم
" . رواه أحمد والنسائي .


الفصل الثالث

1962 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أتاكم " ) أي جاءكم " رمضان " أي زمانه أو أيامه " شهر مبارك " بدل أو بيان ، والتقدير هو شهر مبارك ، وظاهره الإخبار أي كثر خيره الحسي والمعنوي ، كما هو مشاهد فيه ، ويحتمل أن يكون دعاء أي جعله الله مباركا علينا وعليكم ، وهو أصل في التهنئة المتعارفة في أول الشهور بالمباركة ، ويؤيد الأول قوله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " ، إذ فيه إيماء إلى أن رمضان من أصله مبارك فلا يحتاج إلى الدعاء ، فإنه تحصيل الحاصل ، لكن قد يقال : لا مانع من قبول زيادة البركة " فرض الله عليكم صيامه " أي بالكتاب والسنة وإجماع الأمة " تفتح فيه أبواب السماء " استئناف بيان ، ويحتمل أن يكون حالا وهو بصيغة المجهول وبالتأنيث في الأفعال الثلاثة ، ويجوز تذكيرها وبتخفيف الفعلين الأولين ويشددان " وتغلق فيه أبواب الجحيم " وفي نسخة : " الحميم " وهو تصحيف " وتغل " بتشديد اللام من الإغلال " فيه مردة الشياطين " يفهم من هذا الحديث أن المقيدين هم المردة فقط ، وهو معنى لطيف يزول به الإشكال السابق ، فيكون عطف المردة على الشياطين في الحديث المتقدم عطف تفسير وبيان ، ويحتمل أن يكون تقييد عامة الشياطين بغير الأغلال ، والله أعلم بالأحوال " لله فيه " أي في ليالي رمضان على حذف مضاف أو في العشر الأخر منه يعني غالبا ، وإلا فهي مبهمة في جميع رمضان أو في جميع السنة كما هو مذهبنا ، ولذا لو قال أحد لامرأته : أنت طالق في ليلة القدر لا تطلق حتى [ ص: 1366 ] يمضي عليها السنة كلها " ليلة خير من ألف شهر " أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر " ومن حرم " بصيغة المجهول " خيرها " بالنصب ، قال الطيبي : يقال حرمه الشيء يحرمه حرمانا وأحرمه أيضا أي منعه إياه اهـ وفي القاموس : أحرمه لغيه أي من منع خيرها بأن لم يوفق لإحيائها ولو بالطاعة في طرفيها ، لما ورد أن من صلى العشاء والصبح بجماعة فقد أدرك حظه من ليلة القدر ، وأما ما وقع في شرح مسلم من أنه لا ينال فضلها إلا من أطلعه الله عليها فالمراد منه فضلها الكامل " فقد حرم " أي منع الخير كله ، كما سيجيء صريحا ففيه مبالغة عظيمة ، والمراد حرمان الثواب الكامل أو الغفران الشامل الذي يفوز به القائم في إحياء ليلها ، قال الطيبي : اتحد الشرط والجزاء دلالة على فخامة الجزاء ، أي فقد حرم خيرا لا يقادر قدره ( رواه أحمد والنسائي ) قال ميرك : ورواه البيهقي ، كلهم عن أبي قلابة عن أبي هريرة ، ولم يسمع منه فيما أعلم ؛ قاله المنذري .

التالي السابق


الخدمات العلمية