صفحة جزء
166 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا . ثم قال : " هذا سبيل الله " ، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ، وقرأ : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه الآية . رواه أحمد ، والنسائي ، والدارمي .


166 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : خط لنا ) ، أي : لأجلنا تعليما وتفهيما وتقريبا لأن التمثيل يجعل المقصود من المعنى كالمحسوس من المشاهد في المبنى ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا ) ، أي : مستويا مستقيما ( ثم قال : ( هذا سبيل الله ) ، أي : هذا الرأي القويم والصراط المستقيم ، وهما الاعتقاد الحق والعمل الصالح ، وهذا الخط لما كان مثالا سماه سبيل الله . كذا قاله ابن الملك .

والأظهر أن المشار إليه هذا هو الخط المستوي ، والتقدير : هذا مثل سبيل الله أو هذا سبيل الله مثلا ، وقيل : تشبيه بليغ معكوس أي سبيل الله الذي هو عليه وأصحابه مثل الخط في كونه على غاية الاستقامة ( ثم خط خطوطا ) ، أي : سبعة صغارا منحرفة ( عن يمينه ) ، أي : عن يمين الخط المستوي ( وعن شماله ) : كذلك ( وقال : ( هذه ) ، أي : الخطوط ( سبل ) ، أي : غير سبيل الله ، أو سبيل للشيطان لقوله ( على كل سبيل ) ، أي : رأسه ( منها ) ، أي : من السبل ( شيطان ) : من الشياطين ( " يدعو " ) ذلك الشيطان الناس ( إليه ) ، أي : إلى سبيل من السبل ، وفيه إشارة إلى أن سبيل الله وسط ليس فيه تفريط ولا إفراط ، بل فيه التوحيد والاستقامة ومراعاة الجانبين في الجادة ، وسبل أهل البدع مائلة إلى الجوانب ، وفيها تقصير وغلو وميل وانحراف وتعدد واختلاف ، كالقدرية والجبرية والخوارج والروافض والمعطلة والمشبهة . ( وقرأ ) ، أي : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر ، ويحتمل أن يرجع الضمير إلى ابن مسعود حكاية عن قول الله تعالى : وأن هذا : بالفتح والتشديد ، وتقديره واتل عليهم ، أو يقدر اللام ، وبالكسر استئناف ، وبالفتح والتخفيف على أن فيه ضمير القصة وهذا رفع وقوله : صراطي خبر وهو بسكون الياء وفتحها صراطي مستقيما نصب على الحال ، والعامل فيه معنى التنبيه أو الإشارة فاتبعوه ، أي : صراطي وسبيلي ( الآية ) : بعدها ولا تتبعوا السبل أي سبل الشياطين المنحرفة الزائغة المتشعبة من طرق الشرك والبدعة التي أشار إليها - صلى الله عليه وسلم - بقوله : " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا التي على ما كنت عليه أنا وأصحابي " وبهذا الحديث يندفع زعم كل فريق أنه على الصراط المستقيم .

فتفرق بكم بحذف إحدى التاءين عن سبيله إشارة إلى أنه لا يمكن اجتماع سبيل الحق مع السبل الباطلة . ذلكم وصاكم ، أي : الله به لعلكم تتقون أي لكي تتقوه ، أي : عذابه أو مخالفته أو سبيل غيره ( رواه أحمد ، والنسائي ، والدارمي ) .

[ ص: 255 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية