صفحة جزء
1970 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " . متفق عليه .


1970 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صوموا لرؤيته " ) أي لأجل رؤية الهلال ، فاللام للتعليل والضمير للهلال على حد حتى توارت بالحجاب اكتفاء بقرينة السياق ولقوله - تعالى - ولأبويه لكل واحد منهما السدس أي لأبوي الميت ، وقال الطيبي : اللام للتوقيت كقوله - تعالى - أقم الصلاة لدلوك الشمس أي وقت دلوكها ، وفيه أن الصوم بعد الرؤية بزمان طويل يتحقق ، وأن الإقامة بعد تحقق الدلوك فلا جامع بينهما ، ولهذا قال ابن الملك : في الآية اللام بمعنى " بعد " أي بعد دلوكها أي زوالها ، كما في قولك : جئته لثلاث خلون من شهر كذا ، يبينه حديث أبي البختري في الفصل الثالث مده للرؤية ، قال القاضي عياض - رحمه الله الفياض - أي أطال الله مدته إلى الرؤية ، وقوله : جئته لثلاث خلون من شهر كذا ، ويحتمل أن يكون بمعنى بعد اهـ الأخير هو الأظهر لأن الأول يرد " وأفطروا " أي اجعلوا عيد الفطر " لرؤيته " أي لأجلها أو بعدها أو وقتها " فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان " أي أتموا عدده " ثلاثين " أي فكذا رمضان بطريق الأولى ، قال ابن الهمام : إذا صام أهل مصر رمضان على غير رؤية بل بإكمال شعبان ثمانية وعشرين ، ثم رأوا هلال شوال ، إن كانوا أكملوا عدة شعبان عن رؤية هلاله إذ لم يروا هلال رمضان قضوا يوما واحدا حملا على شعبان ، غير أنه اتفق أنهم لم يروا الليلة الثلاثين ، وإن أكملوا شعبان عن غير رؤية قضوا يومين احتياطا ، لاحتمال نقصان شعبان ما قبله ، فإنهم لم يروا هلال شعبان إلا كانوا بالضرورة مكملين رجبا ( متفق عليه ) قال ابن الهمام : وعند أبي داود والترمذي وحسنه " فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين ، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا " ، قال ابن حجر : بهذه الرواية الأخيرة والتي قبلها كرواية : " فإن أغمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين ثم صوموا " ، ورواية : " فاقدروا له ثلاثين " ، ورواية : " فإن أغمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ، ثم صوموا " ، ورواية : كان - صلى الله عليه وسلم - يتحفظ من شعبان مالا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان ، فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ، وهذه روايات صحيحة لا تقبل التأويل - ردوا قول أحمد في إحدى الروايتين عنه وطائفة قليلة معنى اقدروا ضيقوا له وقدروه تحت السحاب فيجب عندهم صوم يوم الثلاثين من شعبان عن رمضان إذا كانت ليلة الثلاثين مغيمة ، وقول ابن سريج وآخرين : قدروا بحساب المنازل ، أئمتنا : من قال بتقديره تحت السحاب فهو منابذ لصريح ما في الروايات ، ومن قال بحساب المنازل فرد عليه خبر الصحيحين " إنا أمة " الآتي ، وزعم بعض الحنابلة أن ما مر عن أحمد عليه إجماع الصحابة وهم اهـ أقول : على تقدير صحة إجماعهم أو قول بعضهم أو فعل بعضهم فيحمل على أنه من باب الاحتياط وجوبا على مقتضى مذهب أحمد ، واستحبابا على مقتضى مذهبنا ، من أن الأفضل صوم ذلك اليوم للخواص الذين يعرفون كيفية النية الخالصة من الترديد بأن ينوي صوما مطلقا ولا يقول عن رمضان ولا أنه كان من رمضان فعنه ، وإلا فعن غيره فإنه مكروه ، وأما إن قال : إن كان من رمضان فأنا صائم وإلا فلا يصح صومه ، ثم إذا صح صومه واتفق أنه من رمضان فيقع عندنا خلافا للشافعية .

[ ص: 1374 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية