صفحة جزء
1972 - وعن أبي بكرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة " متفق عليه .


1972 - ( وعن أبي بكرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : شهرا عيد ) أي شهر رمضان وشهر ذي الحجة ، وإنما سمي شهر رمضان شهر عيد بطريق المجاورة أو لأن عيده من أحكامه ولذا سمي عيد الفطر " لا ينقصان " أي غالبا عن الثلاثين ، أو لا ينقصان ثوابا ، ولو نقصا عددا ، أو لا ينقصان معا في سنة واحدة أو في سنة معينة أرادها - صلى الله عليه وسلم - وليس المراد أنهما لا ينقصان حسا كما أجمعوا عليه ، ولا عبرة بمخالفة بعض الشيعة لأنه مخالف للمشاهدة كما ترى ، ومناف لما صح عن جماعة من الصحابة : صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعا وعشرين أكثر مما صمنا معه ثلاثين ، ومن ثم قال بعض الحفاظ : صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع رمضانات فقط ثلاثين كذا في شرح ابن حجر " رمضان وذي الحجة " بدلان أو بيانات ، قال التوربشتي : فيه وجوه ، فمنهم من قال : لا ينقصان معا في سنة واحدة ، وحملوه على غالب الأمر ، ومنهم من قال : إنه أراد تفضيل العمل في العشر من ذي الحجة ، وأنه لا ينقص من الأجر والثواب عن عشر رمضان ، أقول : فالمعنى أنه لا ينقص ثواب العمل في أحدهما عن العمل في الأجر ، ثم قال : ومن قائل ثالث : إنهما لا يكونان ناقصين في الثواب ، وإن وجدا ناقصين في عدد الحساب ، وهذا الوجه أقوم وأشبهها بالصواب اهـ ، فثواب تسع وعشرين كثواب ثلاثين منهما ، كذا قاله الطيبي ، وغيره ، وفيه بحثان : الأول أنه كيف يستوي الكثير والقليل في العبادة وقد قال - تعالى - من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والثاني إن ذا الحجة ليس في نقصانه الثواب حتى يقال ثواب ذي الحجة ناقص العدد ككامله ، وقد يجاب عن الأول لأن الثواب الإجمالي الوارد في رمضان كقوله : من صام رمضان عفر له - يكون على وجه الكمال سواء تم أو نقص الهلال ، ويمكن أن يكون هذا أيضا جوابا عن الثاني ، ووجه الاختصاص بالتفضيل الإلهي الخاص بهذين الشهرين ، وفي النهاية : أي لا ينقصان في الحكم ، إذ لا جناح بسبب الخطأ في العيد ، أي أنه لا يعرض في قلوبكم شك إذا صمتم تسعا وعشرين يوما أو إن وقع في الحج خطأ لم يكن في نسككم نقص ، قال ابن حجر : أي لا ينقص ثواب الحجة عن ثواب رمضان ، لأن فيه المناسك والعشر ، وقيل : إن ثوابهما المترتب عليهما من حيث الصيام والقيام والحج وغير ذلك ، ومن ثم خصا بالذكر لأنهما ليسا كغيرهما في الفضائل التي يتوهم نقصها بنقصهما لا لاختصاص ذلك بهما ، بل كل شهر يثبت عليه فضيلة فهي حاصلة له تم أو نقص لا ينقص ، أو لا ينقصان ثوابا وإن نقص عددهما كما صوبه النووي ، وغيره ، فكل فضيلة ثبتت لرمضان أو الحجة فهي حاصلة ، نقص أو تم ، وقال الطيبي : ظاهر سياق الحديث في بيان اختصاص الشهرين بمزية ليست في سائرها ، وليس المراد أن ثواب الطاعة في سائرها قد ينقص دونها ، فينبغي أن يحمل على الحكم ورفع الجناح والحرج عما عسى أن يقع فيه خطأ في الحكم لاختصاصهما بالعيدين وجواز احتمال الخطأ فيهما ، ومن ثم لم يقل شهرا رمضان وذي الحجة ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية