صفحة جزء
2023 - وعن ابن عباس قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان

ثم دعا بماء فرفعه إلى يده ليراه الناس فأفطر حتى قدم مكة ، وذلك في رمضان ، فكان ابن عباس يقول : قد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفطر ،
فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر
، متفق عليه 2024 - وفي رواية لمسلم عن جابر أنه شرب بعد العصر .


2023 - ( وعن ابن عباس قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة ) أي : عام الفتح ( فصام حتى بلغ عسفان ) بضم العين وسكون السين المهملتين اسم موضع قريب من المدينة ذكره ابن الملك ، وهو سهو قلم أو خطأ قدم ، والصواب أنه موضع على مرحلتين من مكة ( ثم دعا بماء ) أي : طلبه ( فرفعه إلى يده ) الجار والمجرور [ ص: 1403 ] حال أي : رفع الماء منتهيا إلى أقصى مد يده ، قال الزركشي : كذا لأكثرهم ، وعند ابن السكن إلى فيه ، وهو الأظهر إلا أن إلى في رواية الأكثرين بمعنى على فيستقيم الكلام اهـ . وبه بطل قول بعضهم : الصواب في رواية أبي داود " فرفعه إلى فيه " وإن ذكر يده ليروه ويقتدوا به ، لكن قال الرضي وغيره : التحقيق أنها في هذه الثلاثة لانتهاء الغاية كما هو الأصل وهو الأصل ، ولذا اخترناه كما أشرنا إليه ، والمعنى : فرفعه رفعا بليغا منتهيا إلى رفع يده ، قال الطيبي : التضمين أي انتهى الرفع إلى أقصى غايتها ، ويمكن أن يكون بمعنى في الظرفية كقوله - تعالى - ليجمعنكم إلى يوم القيامة أي : فرفعه حال كونه في يده ( ليراه الناس ) أي : وليعلموا جوازه أو ليختاروا متابعته ( فأفطر ) قال الطيبي : دل على أن من أصبح صائما في السفر جاز أن يفطر اهـ . وتبعه ابن حجر ، وقال فيه أظهر ولعل ذا مؤول ليس فيه دلالة ما على أنه كان صائما ذلك اليوم مطلقا بل المعنى أنه صام من المدينة إلى عسفان فأفطر أي منه واستمر مفطرا ( حتى قدم مكة ) وهو إما لبيان الجواز أو لحصول عذر حادث وهو التهيؤ للقتال إن احتيج إليه في الاستقبال ، والله أعلم بالحال ( وذلك ) أي : ما ذكر من الصوم والإفطار كان ( في رمضان ، فكان ابن عباس يقول : قد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفطر ) يعني في رمضان سنة ثمان حال السفر ( فمن شاء صام ومن شاء أفطر ) أي : لا حرج على أحدهما ، في شرح السنة : لا فرق عند عامة أهل العلم بين من ينشئ السفر في شهر رمضان وبين من يدخل عليه شهر رمضان وهو مسافر ، وقال عبيدة السلماني : إذا أنشأ السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار لظاهر قوله - تعالى - فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذا الحديث حجة على القائل ، ومعنى الآية الشهر كله ، فأما من شهد بعضه فلم يشهد الشهر اهـ . والأظهر أن معنى الآية فمن شهد منكم شيئا منه من غير مرض وسفر ، واختلف أي يوم خرج - صلى الله عليه وسلم - للفتح ، فقيل : لعشر خلون من رمضان بعد العصر ، وقيل : لليلتين خلتا من رمضان ، وهو الأصح ( متفق عليه ) . 2024 - ( وفي رواية لمسلم عن جابر أنه ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( شرب بعد العصر ) يعني على الوصف المتقدم من رفع الماء إلى يده ليعلم الناس أن الإفطار في السفر جائز ، وهذا أقرب في الدلالة على ما قال الطيبي مع أنه ليس نصا في المقصود كما لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية