صفحة جزء
2041 - وعنه قال : حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " رواه مسلم .


2041 - ( وعنه ) أي عن ابن عباس ( قال : حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء ) روى أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة مهاجرا من مكة رأى اليهود يصومون يوم العاشر من المحرم فسألهم عنه فقالوا : هذا يوم نعظمه أظفر الله فيه موسى - صلى الله عليه وسلم - وبني إسرائيل على فرعون ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " نحن أولى بموسى " أي بموافقته فصام - صلى الله عليه وسلم - ذلك اليوم ( وأمر بصيامه ) أي أجابه أولا بالوجوب ثم بعد النسخ بالندب ، فلما كانت السنة العاشرة من الهجرة ( قالوا ) أي الصحابة ( يا رسول الله إنه ) أي يوم عاشوراء ، فتقدير ابن حجر هذا موضع أنه مخالف للأصول الصحيحة ( يوم يعظمه اليهود والنصارى ) أي وتجب مخالفتهم فكيف نوافقهم على تعظيمه ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لئن بقيت ) أي في الدنيا أو لئن عشت " إلى قابل " أي إلى عام قابل وهو السنة الآتية " لأصومن التاسع " أي فقط ، أو مع العاشر فيكون مخالفة في الجملة ، والأول أظهر ، ومع هذا ما كان تاركا لتعظيم اليوم الذي وقع فيه نصرة الدين لأنهم كانوا يصومون شكرا ، ويجوز تقديم الشكر سيما على وجه المشارفة على مثل زمان وقوع النعمة فيه ، بل صوم العاشر أيضا فيه التقدم عليه إذ الفتح كان في أثناء النهار والصوم ما يصح إلا من أوله ، ولو أراد - صلى الله عليه وسلم - مخالفتهم بالكلية لترك الصوم مطلقا ، والله أعلم ، قال الطيبي : لم يعش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القابل بل توفي في الثاني عشر من ربيع الأول فصار اليوم التاسع من المحرم صوم سنة ، وإن لم يصمه لأنه عزم على صومه ، قال التوربشتي : قيل : أريد بذلك أن يضم إليه يوما آخر فيكون هديه مخالفا لأهل الكتاب ، وهذا هو الوجه لأنه وقع موقع الجواب لقولهم إنه يوم يعظمه اليهود ، وروي عن ابن عباس أنه قال : صوموا التاسع والعاشر ، وخالفوا اليهود ، وإليه ذهب الشافعي وبعضهم إلى أن المستحب صوم التاسع فقط ، وقال ابن الهمام : يستحب صوم يوم عاشوراء ويستحب أن يصوم قبله يوما أو بعده يوما ، فإن أفرده فهو مكروه للتشبه باليهود اهـ وروى أحمد خبر صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما ، وظاهره أن الواو بمعنى أو لأن المخالفة تحصل بأحدهما ، وأخذ الشافعي بظاهر الحديث فيجمعون بين الثلاثة ، والله أعلم ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية