صفحة جزء
2051 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده " متفق عليه .


2051 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يصوم أحدكم يوم الجمعة ) نفي معناه نهي وهو للتنزيه " إلا أن يصوم قبله " يوم أو أكثر " أو يصوم بعده " ولو يوما ، قال ابن الهمام : ولا بأس بصوم يوم الجمعة منفردا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - وقال الشيخ التوربشتي : قد سئلت عن وجه النهي عن صوم يوم الجمعة منفردا ، فأعملنا الفكر فيه مستعينا بالله - تعالى - فرأينا أن الشارع لم يكره أن يصام منضما إلى غيره وكره أن يصام وحده ، فعلمنا أن علة النهي ليست للتقوي على إتيان الجمعة وإقام الصلاة والذكر كما رآه بعض الناس ، إذ لا مزية في هذا المعنى بين من صام الجمعة والسبت ، وبين من صام الجمعة وحده ، فعلمنا أنه بمعنى آخر ، وذلك المعنى - والله أعلم - لا يخلو من أحد الوجهين ، على ما تبين لنا : أحدهما أن نقول كره تعظيمنا يوم الجمعة باختصاصه بالصوم لأن اليهود يرون اختصاص السبت بالصوم تعظيما له ، والنصارى يرون اختصاص الأحد بالصوم تعظيما له ، ولما كان موقع الجمعة من هذه الأمة موقع اليومين من إحدى الطائفتين أحب أن يخالف هدينا هديهم فلم ير أن نخصه بالصوم ، والآخر أن نقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجد الله - سبحانه - قد استأثر الجمعة بفضائل لم يستأثر بها غيرها من الأيام على ما ورد في الأحاديث الصحاح ، وجعل الاجتماع فيه للصلاة فرضا مفروضا على العباد في البلاد ثم غفر لهم ما اجترحوا من الآثام من الجمعة إلى الأخرى وفضل ثلاثة أيام ، ولم ير في باب فضيلة الأيام مزيدا على ما خص الله به الجمعة فلم ير أن يخصه بشيء من الأعمال سوى ما خصه به اهـ وهو غاية التحقيق ونهاية التدقيق ، والوجه الأول هو المعقول لأنه على المقصود أولى لكن لا يظهر وجه نهي اختصاص ليلته من بين الليالي بالقيام مع أنه منهي عنه كاختصاص يومه بالصيام ، ولعل الوجه أن لا تقتصر أمته على صيام نهاره من بين الأيام ، وأن لا تنحصر همتهم على قيام ليلته من بين الليالي ، فإنه كان يجر إلى هجران سائر الأوقات عن إتيان الطاعات والعبادات ، بل أراد الشارع أن يأخذوا من كل وقت حظهم من الصيام والقيام ، ولا يخصوا كل نوع من العبادة ببعض الأيام ، كما هو دأب العوام ، هذا والاعتراف بالعجز عن إدراك الحكم الربوبية أولى والاعتراف للتعبد بالأخذ بظواهر الأحكام أعلى وأغلى ( متفق عليه ) .

[ ص: 1419 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية