صفحة جزء
201 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " . رواه مسلم .


201 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( الناس معادن ) : جمع معدن ، والمراد به مستقر الأخلاق كذا ذكره الأبهري ( كمعادن الذهب والفضة ) : وغيرهما إلى أن ينتهي إلى الأدنى ، فمن كان استعداده أقوى كانت فضيلته أتم ، وفيه إشارة إلى أن ما في معادن الطباع من جواهر مكارم الأخلاق ينبغي أن يستخرج برياضة النفوس كما تستخرج جواهر المعادن بالمقاساة والتعب كذا ذكره ابن الملك . وقال الطيبي : المعدن المستقر من عدنت البلد إذا توطنته ، ومنه المعدن لمستقر الجواهر ، ومعادن خبر المبتدأ ، ولا يصح حمله إلا بأحد وجهين : إما على التشبيه كقولك : زيد أسد وحينئذ يكون كمعادن الذهب بدلا منه أي : الناس كمعادن الذهب ، وإما على أن المعادن مجاز عن التفاوت ، فالمعنى أن الناس متفاوتون يعني في مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات تفاوتا مثل تفاوت معادن الذهب ، والمراد بالتفاوت تفاوت النسب في الشرف والضعة يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر " فعن معادن العرب تسألونني ؟ " قالوا : نعم أي أصولها التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها ، وإنما جعلت معادن لما فيها من معنى الاستعدادات المتفاوتة ، فمنها قابلة لفيض الله سبحانه على مراتب المعادن ، ومنها غير قابلة . وقوله : ( خيارهم في الجاهلية ) : إلخ . جملة مبينة ، شبههم بالمعادن في كونها أوعية للجواهر النفيسة والفلزات المنتفع بها ، المعني بها العلوم والحكم ، فالتفاوت في الجاهلية بحسب الأنساب ، وفي الإسلام بالأحساب ، ولا يعتبر الأول إلا بالثاني ، فالمعنى خيارهم بمكارم الأخلاق في الجاهلية ( خيارهم في الإسلام ) : أيضا بها ( إذا فقهوا ) : بضم القاف ، وقيل بالكسر أي : إذا استووا في الفقه ، وإلا فالشرف للأفقه منه . قال في النهاية : فقه الرجل بالكسر إذا علم ، وفقه بالضم إذا صار فقيها عالما وجعله العرب خاصا بعلم الشريعة وتخصيصا بعلم الفروع . ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية