صفحة جزء
[ ص: 1446 ] باب الاعتكاف

( الفصل الأول )

2097 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده . متفق عليه .


( باب الاعتكاف )

هو في اللغة الإقامة على الشيء ، وحبس النفس عليه ، ومنه قوله - تعالى - وأنتم عاكفون في المساجد وقوله - عز وجل - أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين وقوله - سبحانه - " يعكفون على أصنام لهم " بضم الكاف وكسرها ، وفي الشرع : المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة ، قال الطيبي : مذهب الشافعي أن الصوم ليس بشرط ، ويصح الاعتكاف ساعة واحدة ، فينبغي لكل جالس في المسجد لانتظار الصلاة أو لشغل آخر من آخرة أو دنيا أن ينوي الاعتكاف ، فإذا خرج ثم دخل يجدد النية اهـ وهو قول الإمام محمد من أصحابنا في اعتكاف النفل ، فينبغي إذا دخل المسجد أن يقول : نويت الاعتكاف ما دمت في المسجد ، قال القدوري : الاعتكاف مستحب ، وقال صاحب الهداية : الصحيح أنه سنة مؤكدة ، قال ابن الهمام : والحق خلاف كل من الإطلاقين ، وهو أن يقال الاعتكاف ينقسم إلى واجب وهو المنذور تنجيزا ، أو تعليقا ، وإلى سنة مؤكدة ، أي وهو اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ، وإلى مستحب وهو ما سواهما .

( الفصل الأول )

2097 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ) قال ابن الهمام : هذه المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنية ، وإلا كانت دليل الوجوب ، أو نقول اللفظ وإن دل على عدم الترك ظاهرا لكن وجدنا صريحا يدل على الترك وهو ما في الصحيحين وغيرهما : كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان ، فإذا صلى الغدوة جاء إلى مكانه الذي اعتكف فيه ، فاستأذنته عائشة - رضي الله عنها - أن تعتكف فأذن لها ، فضربت فيه قبة ، فسمعت بها حفصة فضربت فيه قبة ، فسمعت زينب فضربت فيه قبة أخرى ، فلما انصرف - صلى الله عليه وسلم - من الغدوة أبصر أربع قباب فقال : " ما هذا ؟ " فأخبر خبرهن ، فقال : " ما حملهن على هذا ؟ آلبر ؟ انزعوها " ، فنزعت ، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في أحد العشرين من شوال ، وفي رواية : فأمر بخبائه فقوض ، وترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف العشر الأول من شوال ، وتقدم اعتكافه في العشر الأواسط ( ثم اعتكف أزواجه ) ، أي في بيوتهن لما سبق من عدم رضائه لفعلهن ، ولذا قال الفقهاء : يستحب للنساء أن يعتكفن في مكانهن ( من بعده ) ، أي من بعد موته إحياء لسنته ، وإبقاء لطريقته ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية