صفحة جزء
2101 - وعن ابن عمر أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، قال : " فأوف بنذرك " متفق عليه .


2101 - ( وعن ابن عمر أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كنت نذرت في الجاهلية ) ، أي ما كان عليه العرب قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم ، وقيل : المراد بها ما قبل ظهور الإسلام ، فإن نذر عمر إنما كان بعد إسلامه ، لكنه لم يتمكن منه لشدة شوكة قريش ومنعهم منه ( أن أعتكف ليلة ) ، أي بيومها كما في رواية ( في المسجد الحرام ، قال : " فأوف بنذرك " ) وفي رواية : وصم ، والأمر للندب إن كان نذره قبل الإسلام ، قال الطيبي : دل الحديث على أن نذر الجاهلية إذا كان موافقا لحكم الإسلام وجب الوفاء به ، قال ابن الملك : أي بعد الإسلام ، وعليه الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يصح نذره ، قال الطيبي : وفيه دليل على أن من حلف في عمره فأسلم ثم حنث لزمه الكفارة ، وهو مذهب الشافعي ، وفيه دليل على أن الصوم ليس شرطا لصحة الاعتكاف ، وعلى أنه إذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لا يخرج عن نذره بالاعتكاف في موضع آخر اهـ وفي الأخير نظر ، وأما الجواب عن الصوم فقال الشمني : أما اعتكاف عمر فرواه أبو داود والنسائي والدارقطني بلفظ : أن عمر جعل على نفسه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوما عند الكعبة ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " اعتكف وصم " ، ولفظ النسائي والدارقطني : فأمره أن يعتكف ويصوم ، وقال ابن الهمام : وفي الصحيحين أيضا : عن عمر أنه جعل على نفسه أن يعتكف يوما ، فقال : " أوف بنذرك " ، والجمع بينهما أن المراد الليلة مع يومها ، أو اليوم مع ليلته ، وغاية ما فيه أنه سكت عن ذكر الصوم في هذه الرواية ، وقد وردت برواية الثقة فيجب قبولها اهـ مختصرا ، وبه بطل قول ابن حجر في أمره - صلى الله عليه وسلم - له باعتكاف ليلة أوضح تصريح بأنه [ ص: 1449 ] ( لا يشترط في صحة الاعتكاف صوم ، قال الشمني : واعلم أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب ، رواية واحدة ، ولصحة التطوع رواية الحسن عن أبي حنيفة ، أما في رواية الأصل وهو قول محمد بل قيل : إنه ظاهر الرواية عن العلماء الثلاثة فليس بشرط لأن مبنى النفل على المساهلة ، ويحمل عليه ما رود : ليس على المعتكف صوم ، إلا أن يجعله على نفسه ، هذا وقد قال ابن حجر : قوله فأوف ، أي ندبا لا وجوبا لاستلزامه الصحة ، ونذر الكافر لا يصح ، وأما قول شارح تقليدا للكرماني شارح البخاري فيه من الفقه أن نذر الجاهلية إذا كان على وفق حكم الإسلام عمل به ، ووجب الوفاء به بعد الإسلام ، وإن الكافر تنعقد يمينه ويصح ظهاره ويلزمه الكفارة اهـ فهو ضعيف في مذهبهما بالنسبة لمسألة النذر وغير صحيح فيما بعدها لأنه لا يؤخذ إلا بالقياس على ذلك الضعيف ، وعلى الأصح الفرق بين النذر والأخيرين أنهما ليسا من العبادات فصحا منه بخلاف النذر فإنه عبادة فلم يصح منه ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية