صفحة جزء
2114 - وعن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر " . متفق عليه . وفي رواية : " المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة ، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة " .


2114 - ( وعن أبي موسى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ) ، أي على ما ينبغي وعبر بالمضارع لإفادة تكريره لها ومداومته عليها حتى صارت دأبه وعادته كفلان يقري الضيف ويحمي الحريم ويعطي اليتيم ( مثل الأترجة ) بضم الهمزة وسكون التاء وضم الراء وتشديد الجيم ، وفي رواية البخاري بنون ساكنة بين الراء والجيم المخففة ، وفي القاموس : الأترج والأترجة و الترنج و والترنجة معروف وهي أحسن الثمار الشجرية وأنفسها عند العرب لحسن منظرها صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ( ريحها طيب وطعمها طيب ) قال ابن الملك : يفيد طيب النكهة ودباغ المعدة وقوة الهضم ، ومنافعها كثيرة مكتوبة في كتب الطب ، فكذلك المؤمن القارئ طيب الطعم لثبوت الإيمان في قلبه وطيب الريح لأن الناس يستريحون بقراءته ويحوزون الثواب بالاستماع عليه ويتعلمون القرآن منه ( ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ) قال الطيبي : التمثيل في الحقيقة وصف لموصوف اشتمل على معنى معقول صرف لا يبرزه عن مكنونه إلا تصويره بالمحسوس المشاهد ، ثم إن كلام الله - تعالى - له تأثير في باطن العبد وظاهره ، وإن العباد متفاوتون في ذلك فمنهم من له النصيب الأوفر من ذلك التأثير وهو المؤمن القارئ ، ومنهم من لا نصيب له البتة وهو المنافق الحقيقي ، ومنهم من تأثر ظاهره دون باطنه وهو المرائي ، أو بالعكس وهو المؤمن الذي لا يقرؤه ، وإبراز هذه المعاني وتصويرها إلى المحسوسات ما هو مذكور في الحديث ، ولم يوجد ما يوافقها ويلائمها أقرب ولا أحسن ولا أجمع من ذلك لأن المشبهات والمشبه بها واردة على تقسيم الحاصل لأن الناس إما مؤمن أو غير مؤمن ، والثاني إما منافق صرف أو ملحق به والأول إما مواظب على القراءة أو غير مواظب عليها ، وعلى هذا فقس الأثمار المشبه بها ، ووجه الشبه في المذكورات منتزع من أمرين محسوسين طعم وريح ، وليس بمفرق كما في قول امرئ القيس :


كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي

[ ص: 1457 ] ( متفق عليه . وفي رواية : المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة ) قيل : لا يدخل الجن بيتا فيه أترج ، ومنه يظهر زيادة حكمة تشبيه قارئ القرآن به ، وقال ابن الرومي :


كل الخلال التي فيكم محاسنكم     تشابهت فيكم الأخلاق والخلق
كأنكم شجر الأترج طاب معا     حملا ونورا وطاب العود والورق



( والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية