صفحة جزء
[ ص: 1527 ] ( الفصل الثاني )

2230 - عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الدعاء هو العبادة " ثم قرأ : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) رواه أحمد والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .


( الفصل الثاني )

2230 - وعن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الدعاء هو العبادة أي : هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله ، والإعراض عما سواه ، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه قائما بوجوب العبودية ، معترفا بحق الربوبية ، عالما بنعمة الإيجاد ، طالبا لمدد الإمداد على وفق المراد ، وتوفيق الإسعاد . " ثم قرأ " : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) : قيل : استدل بالآية على أن الدعاء عبادة ؛ لأنه مأمور به والمأمور به عبادة . وقال القاضي : استشهد بالآية لدلالتها على أن المقصود يترتب عليه ترتيب الجزاء على الشرط ، والمسبب على السبب ، ويكون أتم العبادات ، ويقرب من هذا قوله " مخ العبادة " أي : خالصها . وقال الراغب : العبودية : إظهار التذلل ، ولا عبادة أفضل منه ؛ لأنها غاية التذلل ، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو الله تعالى . وقال الطيبي - رحمه الله - : يمكن أن تحمل العبادة على المعنى اللغوي ، وهو غاية التذلل والافتقار والاستكانة ، وما شرعت العبادة إلا للخضوع للبارئ ، وإظهار الافتقار إليه ، وينصر هذا التأويل ما بعد الآية المتلوة ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) حيث عبر عن عدم الافتقار والتذلل بالاستكبار ، ووضع عبادتي موضع دعائي ، وجعل جزاء ذلك الاستكبار الهوان والصغار . وقال ميرك : أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ، ليدل على الحصر في أن العبادة ليست غير الدعاء مبالغة ، ومعناه أن الدعاء معظم العبادة كما قال : - صلى الله عليه وسلم - " الحج عرفة " أي : معظم أركان الحج الوقوف بعرفة ، أو المعنى أن الدعاء هو العبادة ، سواء استجيب أو لم يستجب ؛ لأنه إظهار العبد العجز والاحتياج من نفسه ، والاعتراف بأن الله تعالى قادر على إجابته ، كريم لا بخل له ولا فقر ، ولا احتياج له إلى شيء حتى يدخر لنفسه ويمنعه عن عباده ، وهذه الأشياء هي العبادة بل مخها ، وأغرب ابن حجر حيث قال : وقال شارح : العبادة ليست غير الدعاء مقلوب ، وصوابه أن الدعاء ليس غير العبادة اهـ . وهو خطأ منه والصواب الأول ؛ لأنه الدال على المبالغة بطريق الحصر المطلوبة المستفادة من ضمير الفصل ، وإتيان الخبر المعرف باللام كما هو مقرر في علم المعاني والبيان . ( رواه أحمد ، والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ) : ورواه ابن أبي شيبة ، والحاكم . ( قال الترمذي ) : واللفظ له ( حديث حسن صحيح ) : وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، وأخرجه الطبراني في كتاب الدعاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية