صفحة جزء
2334 - وعن جندب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث : " أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وأن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " . أو كما قال . رواه مسلم .


2334 - ( وعن جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث ) أي : حكى لأصحابه ( أن رجلا ) : يحتمل أنه من هذه الأمة أو من غيرهم ( قال : والله لا يغفر الله لفلان ) : قاله استكثارا ، أو استكبارا لذنبه ، أو تعظيما لنفسه حين جنى عليه ، كما يصدر عن بعض جهلة الصوفية ( وأن الله تعالى ) : بفتح الهمزة ، أي : وحدث أن الله - تعالى - وبكسرها . أي : والحال أن الله تعالى ( قال : من ذا الذي يتألى علي ) : بفتح الهمزة وتشديد اللام المفتوحة أي : [ ص: 1619 ] يتحكم علي ويحلف باسمي ( أني لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان ) أي : رغما لأنفك ( وأحبطت عملك ) : قال المظهر : أي : أبطلت قسمك وجعلت حلفك كاذبا ، لما ورد في حديث آخر : " من يتأل على الله يكذبه " فلا متمسك للمعتزلة أن ذا الكبيرة مع عدم الاستحلال يخلد في النار ، كالكفر يحبط عمله .

قال الطيبي : هذا استفهام إنكار ، والظاهر أن يقال : أنت الذي يتألى علي ، ويدل عليه قوله : وأحبطت عملك ، وإنما عدل عن الخطاب أولا شكاية لصنيعه إلى غيره ، وإعراضا عنه على عكس الحديث السابق ، ولا يجوز لأحد الجزم بالجنة أو النار إلا لمن ورد فيه نص ، كالعشرة المبشرة بالجنة ، فإن قلنا : إن قوله من هذا كفر فأحبطت عملك ، ظاهر . وإن قلنا : إنه معصية فكذا على مذهب المعتزلة ، وأما على مذهب أهل السنة ، فيكون محمولا على التغليظ . اهـ . وفيه أنه يبعد كونه كفرا ، وعلى التنزل فقوله ظاهر أي : على مذهبنا ، لأن في مذهب الشافعي يشترط للإحباط موته على الكفر ، لا يعرف في مذهبه المعتزلي أن كل معصية تحبط جميع الأعمال ، ثم حمله على ما ذكرناه أولى من حمله على التغليظ ، مع أنه لا ينافيه ، والله تعالى أعلم . ( أو كما قال ) : شك الراوي أي : قال الرسول أو غيره ما ذكرته ، أو قال مثل ذلك ، وهو تنبيه على النقل بالمعنى ، وهو الأولى لئلا يتوهم نقل اللفظ أيضا ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية