صفحة جزء
2335 - وعن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " . قال : " ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " . رواه البخاري .


2335 - ( وعن شداد بن أوس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( سيد الاستغفار ) : قال الطيبي : استعير لفظ السيد من الرئيس المقدم الذي يعمد إليه في الحوائج لهذا الذي هو جامع لمعاني التوبة كلها ، وقد سبق أن التوبة غاية الاعتذار . اهـ . وتبعه ابن حجر ، وهو يفيد أن المراد بالاستغفار إنما هو التوبة ، والظاهر من الحديث الإطلاق ، مع أن جامعيته لمعاني التوبة ممنوعة كما لا يخفى ، إذ ليس فيه إلا الاعتراف بالذنب الناشئ عن الندامة ، وأما العزم على أن لا يعود وأداء الحقوق لله والعباد ، فلا يفهم منه أصلا ( أن تقول ) أي : أيها الراوي ، أي أيها المخاطب خطابا عاما ( اللهم أنت ربي ) : أي : ورب كل شيء بالإيجاد والإمداد ( لا إله إلا أنت ) أي : للعباد ( خلقتني ) : استئناف بيان للتربية ( وأنا عبدك ) أي : مخلوقك ومملوكك ، وهو حال كقوله : ( وأنا على عهدك ووعدك ) أي : أنا مقيم على الوفاء بعهد الميثاق ، وأنا موقن بوعدك يوم الحشر والتلاق ( ما استطعت ) أي : بقدر طاقتي ، وقيل : أي على ما عاهدتك ووعدتك من الإيمان بك ، والإخلاص من طاعتك ، وأنا مقيم على ما عهدت إلي من أمرك ومتمسك به ومنجز وعدك في المثوبة والأجر عليه ، واشتراط الاستطاعة اعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب في حقه تعالى ، أي : لا أقدر أن أعبدك حق عبادتك ، لكن أشهد بقدر طاقتي . وقال صاحب النهاية : واستثنى بقوله : ما استطعت موضع القدر السابق لأمره أي : إن كان قد جرى القضاء على أن أنقض العهد يوما ، فإني لا أميل عند ذلك إلى الاعتذار بعدم الاستطاعة في دفع ما قضيت . ( أعوذ بك من شر ما صنعت ) أي : من أجل شر صنعي بأن لا تعاملني بعملي ( أبوء لك ) أي : ألتزم وأرجع وأقر ( بنعمتك علي وأبوء بذنبي ) : قال ابن حجر : أي : الذنب العظيم الموجب للقطيعة لولا واسع عفوك وجامع فضلك . اهـ . وهو ذهول وغفلة منه أن هذا لفظ النبوة ، وهو معصوم حتى عن الزلة . وأغرب‌‌‌‌ من هذا أنه طعن في عبارة الطيبي ، مع كمال حسنها حيث قال : اعترف أولا بأنه تعالى أنعم عليه ولم يقيده ليشمل كل الإنعام ، ثم اعترف بالتقصير ، وأنه لم يقم بأداء شكرها ، وعده ذنبا مبالغة في هضم النفس تعليما للأمة ( فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب ) أي : ما عدا الشرك ( إلا أنت " . قال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ومن قالها ) أي : هذه الكلمات ( من النهار ) أي : في بعض [ ص: 1620 ] أجزائه ( موقنا بها ) : نصب على الحال أي : حال كونه معتقدا لجميع مدلولها إجمالا أو تفصيلا ( فمات من يومه ) : احتيج إليه مع كون الفاء للتعقيب ، لأن تعقيب كل شيء بحسبه كتزوج فولد له ، وهذا لا يوجب قولها في ذلك اليوم ( قبل أن يمسي ) أي تغرب شمسه ، فهو زيادة إيضاح وتأكيد ( فهو من أهل الجنة ) أي : يموت مؤمنا فيدخل الجنة لا محالة ، أو مع السابقين ( ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ) . ( رواه البخاري ) ، وكذا النسائي ، وفي رواية البزار على ما ذكره في الحصن : سيد الاستغفار أن يقول الرجل إذا جلس في صلاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية