صفحة جزء
2342 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب واستغفر صقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلكم الران الذي ذكر الله تعالى : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .


2342 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن المؤمن إذا أذنب ) أي : ذنبا واحدا ( كانت نكتة سوداء ) أي : حدثت فهي تامة ، والنكتة : الأثر . وفي نسخة بالنصب ، فالضمير راجع إلى السيئة المدلول عليها بالذنب ، قال الطيبي : قوله كانت نكتة أي : الذنب بتأويل السيئة ، وروي برفع نكتة على أن كان تامة فيقدر ( منه ) أي : من الذنب . ( في قلبه ) أي : كقطرة مداد تقطر في القرطاس ، ويختلف على حسب المعصية وقدرها ، والحمل على الحقيقة أولى من جعله من باب التمثيل والتشبيه حيث قيل : شبه القلب بثوب في غاية النقاء والبياض ، والمعصية بشيء في غاية السواد أصاب ذلك الأبيض ، فبالضرورة أنه يذهب ذلك الجمال منه ، وكذلك الإنسان إذا أصاب المعصية صار كأنه حصل ذلك السواد في ذلك البياض ، ( فإن تاب ) أي : من الذنب ( واستغفر ) أي : أناب إلى الرب ، وليس المراد أن لفظ الاستغفار شرط لصحة التوبة خلافا لمن توهمه ، وإنما المراد أنه كمال فيها ( صقل قلبه ) : على بناء المجهول أي : نظف وصفي مرآة قلبه لتجليات ربه ، لأن التوبة بمنزلة المصقلة تمحو وسخ القلب وسواده حقيقيا أو تمثيليا . وأغرب ابن حجر حيث قال : وهذا من باب التمثيل بلا شك . ( وإن زاد ) أي : في [ ص: 1623 ] الذنب أي : بعينه أو بغيره من الذنوب ( زادت ) أي النكتة السوداء أو يظهر لكل ذنب نكتة ( حتى تعلو ) أي : النكت ( قلبه ) أي : تطفئ نور قلبه فتعمي بصيرته ، فلا يبصر شيئا من العلوم النافعة والحكم الرائعة ، وتزول عنه الشفقة والرحمة على نفسه وعلى سائر الأمة ، ويثبت في قلبه آثار الظلمة والفتنة والجراءة على الأذية والمعصية ( فذلكم الران الذي ذكره الله تعالى ) أي : في كتابه ( كلا ) أي : حقا ( بل ران ) أي : غلب واستولى ( على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) أي : من الذنوب ، حتى لم يبق فيها خير قط . قيل : الخطاب للصحابة . أي : فذلكم الأثر المستقبح المستعلي ، وإدخال اللام على ران ، وهو فعل إما لقصد حكاية اللفظ وإجرائه مجرى الاسم ، وإما لتنزيله منزلة المصدر ، والران : بمعنى الرين وهو الطبع والتغطية .

قال الطيبي : الران والرين سواء كالعاب والعيب ، والآية في الكفار إلا أن المؤمن بارتكاب الذنب يشبههم في اسوداد القلب ، ويزداد ذلك بازدياد الذنب . قال ابن الملك : هذه الآية مذكورة في حق الكفار ، لكن ذكرها - صلى الله عليه وسلم - تخويفا للمؤمنين كي يحترزوا عن كثرة الذنب كيلا تسود قلوبهم كما اسودت قلوب الكفار ، ولذا قيل : المعاصي بريد الكفر . ( رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية