صفحة جزء
2343 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " . رواه الترمذي . وابن ماجه .


2343 - ( وعن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يقبل توبة العبد ) : ظاهره الإطلاق وقيده بعض الحنفية بالكافر ( ما لم يغرغر ) أي : ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم ، يعني : ما لم يتيقن بالموت فإن التوبة بعد التيقن بالموت لا يعتد بها لقوله تعالى : وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار قيل : وأما تفسير ابن عباس حضوره بمعاينة ملك الموت ، فحكم أغلبي لأن كثيرا من الناس لا يراه ، وكثيرا يراه قبل الغرغرة ، وأغرب ابن حجر فقال : ورد بأن قوله تعالى : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) يدل على أن كل أحد يراه فمدعي العدم يلزمه الدليل عليه . اهـ . ووجه غرابته أنه لا دلالة في الآية على الرؤية ، والمانع لا يطلب منه الدليل ، نعم لو قيل : ثبت عن ابن عباس أنه قال : إن الله يقبل التوبة ما لم يعاين الرجل ملك الموت ، وموقوفه في حكم المرفوع لأن مثله ما يقال من قبل الرأي ، أو كلامه حجة على غيره ، أو لأنه إمام المفسرين ، ويدل على ما قاله بظاهره قوله تعالى : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وتشير الآية الماضية بأن الحضور حقيقة لا يكون إلا للملك ، وأما للموت فمجاز ، والنسبة الحقيقية أولى من المجازية ، فيكون من قبيل : واسأل القرية فالتقدير حضر أحدهم ملك الموت . والله أعلم . وتخصيص غيره بدعوى أن كثيرا من الناس لا يراه محتاج إلى دليل كان له وجه وجيه ، قيل : جعل ابتداء قبض الروح من الرجل ليبقى القلب واللسان ذاكرا ، وليتوب إلى الله متابا ، وليستحل من الناس عن المظالم ، وليوصي بالخير ، وليكون آخر كلامه لا إله إلا الله .

قال الطيبي : الغرغرة أن يجعل المشروب في الفم ، ويردد إلى أصل الحلق ولا يبتلع ، وذلك لأن من شرط التوبة العزم على ترك الذنب المتوب منه وعدم المعاودة ، وإنما يتحقق مع تمكن التائب منه وبقاء أوان الاختيار ، فإذا تيقن الموت لم يكن ذلك ، وهذا في التوبة من الذنوب ، لكن لو استحل من مظلمة صح ، وكذا لو أوصى بشيء أو نصب وليا على طفله أو على خير صحت وصيته . اهـ . وجعله عدم المعاودة شرط التوبة خلاف ما عليه الجمهور كما تقرر في محله المسطور ، وكذا قوله : لو أوصى إلخ . فإنه تعقبه ابن حجر بأنه لا فرق في الأحكام . ( رواه الترمذي ، وابن ماجه ) .

[ ص: 1624 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية