صفحة جزء
215 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ) . رواه الترمذي .


215 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الناس ) أي : جنسهم ( لكم تبع ) : جمع تابع كخدم وخادم ، وقيل : وضع المصدر موضع الفاعل مبالغة كرجل عدل ، والخطاب لعلماء الصحابة ، يعني أن الناس يتبعونكم في أفعالكم وأقوالكم ، لأنكم أخذتم عني مكارم الأخلاق ، فإن الشريعة أقوالي ، والطريقة أفعالي ، والحقيقة أحوالي ، وفيه مأخذ لتسمية التابعي تابعيا ، وإن كانت التبعية عامة بواسطة أو بغير واسطة ، ولكن المطلق ينصرف إلى الكامل ( وإن رجالا ) : أو نوعا منهم غلبت عليهم الرجولية الكاملة ( يأتونكم ) أي : بجهاد أنفسهم طالبين خالصين متواضعين ( من أقطار الأرض ) أي : جوانبها ( يتفقهون ) أي : يطلبون الفقه ( في الدين ) : والجملة استئنافية لبيان علة الإتيان ، أو حال من المرفوع في يأتونكم وهو أقرب إلى الذوق كذا قاله الطيبي ( فإذا أتوكم ) أي : بهذا القصد وآثرها على " إن " لإفادتها تحقيق وقوع هذا الأمر ، فهو من أعلام نبوته وبواهر معجزته لوقوع ذلك كما أخبر به ( فاستوصوا بهم خيرا ) أي : في تعليمهم علوم الدين وأخلاق المهتدين كما قيل في الحديث القدسي لداود عليه الصلاة والسلام : " إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما " ، وتحقيقه اطلبوا الوصية والنصيحة بهم من أنفسكم ، فالسين للطلب ، والكلام من باب التجريد أي : ليجرد كل منكم شخصا من نفسه ويطلب منه التوصية في حق الطالبين ومراعاة أحوالهم ، وقيل : الاستيصاء طلب الوصية من نفسه أو من غيره بأحد أو بشيء ، يقال : استوصيت زيدا بعمرو خيرا ، أي : طلبت من زيد أن يفعل بعمرو خيرا ، والباء في بهم للتعدية ، وقيل : الاستيصاء قبول الوصية ومعناه اقبلوا الوصية مني بإيتائهم خيرا ، وقيل : معناه مروهم بالخير وعظوهم وعلموهم إياه ( رواه الترمذي ) ، وكذا ابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية