صفحة جزء
2370 - وعن عمر بن الخطاب قال : قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبي ; فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى إذ وجدت صبيا في السبي ، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟ فقلنا : لا ، وهي تقدر على أن لا تطرحه ، فقال : لله أرحم بعباده من هذه بولدها " . متفق عليه .


2370 - ( وعن عمر بن الخطاب قال : قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبي ) هو : ما يسبى من العدو من الصبيان والنساء ( فإذا امرأة من السبي قد تحلب ) من باب التفعل أي : مال ( ثديها ) أي : يبس ثديها [ ص: 1643 ] لكثرته لعدم ولدها معها ( تسعى ) أي : تعدو في طلب الولد ، وأغرب ابن الملك فقال : أي تسعى بما تكلف من العمل ، وروي تسقي أي : ترضع الولد ، قال العسقلاني للكشميهني : بسقي بكسر الموحدة وفتح المهملة وسكون القاف وتنوين التحتانية ، وللباقين تسعى بفتح العين المهملة من السعي ، قال شارح : أي تعدو ، وروي في كتاب مسلم تبتغي أي : تطلب ولدها ، وأما تسقي على ما في بعض النسخ للمصابيح والبخاري أيضا فليس بشيء ، قلت : نسبته إلى البخاري ليس بشيء لما تقدم من كلام العسقلاني من أن رواية البخاري منحصرة في الصيغتين ، لكن في شرح الطيبي قال القاضي : الصواب ما في رواية البخاري تسقي بالقاف من السقي ، أقول : قوله : وفي كتاب البخاري تسقي ، كما في بعض نسخ المصابيح إن كان ردا للرواية فلا كلام فيه ، وإن كان الرد من حيث الدراية فغير مستقيم ; لأن ( تسقي ) إذا جعل حالا مقدرة من ضمير المرأة بمعنى قد تحلب ثديها مقدرة السقي فأي بعد فيه . اهـ كلامه ، والذي يظهر لي أن المراد بقول القاضي : الصواب ما في رواية البخاري تسقي بالقاف من السقي ، وتبعه النووي بقوله : الصواب ما في البخاري تسقي بالسين من السقي هو رواية الكشميهني ليطابق نقل العسقلاني ، وقولهما من السقي بالقاف احتراز من السعي بالعين ولا دلالة في كلامهما على أنه بصيغة المصدر المدخول عليه حرف الجر ، أو على أنه بصيغة المضارع ; فيتعين حمل كلامهما على الأول جمعا بين النقول ، وأما الشارح الذي زيف ما في بعض نسخ المصابيح وكتاب البخاري فهو تسقي بصيغة المضارع من السقي بالقاف من جهة الرواية ، فتأمل فإنه موضع زلل ، واندفع به كلام ابن حجر ، وعجيب من هذه الجسارة على الرواية الصحيحة وردها بمجرد مخيل لا حقيقة له ( إذ وجدت ) أي : فاجأت ( صبيا في السبي ) أي : في جملة صبيان السبي ( أخذته ، فألصقته ببطنها ، وأرضعته ) أي : محبة لولدها ورحمة وشفقة على ولد غيرها ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أترون ) بضم التاء أي : أتظنون ( هذه ) أي : المرأة مع ما عندها من عظم الرحمة حتى على أولاد غيرها ( طارحة ) أي : ملقية ( ولدها في النار ؟ فقلنا : لا ) أي : لا نظن أنها طارحة ، وهو أولى من قول ابن حجر : لا تطرحه ( وهي تقدر على أن لا تطرحه ) الواو للحال ، وفائدة هذا الحال أنها إن اضطرت يمكن طرحها ، والله منزه عن الاضطرار فلا يطرح عبده في النار ألبتة ( فقال لله أرحم بعباده ) أي : المؤمنين ، أو مطلقا ( من هذه بولدها ) وهنا يفتح باب القدر والقضاء ، ويموج بحر السر الإلهي الذي يضيق فيه القضاء فالتسليم فيه أسلم والله أعلم ، ولابن حجر هنا اعتراض وكلام مما لا يلتفت إليه في المقام ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية