صفحة جزء
2382 - وعن حذيفة قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ، ثم يقول اللهم باسمك أموت وأحيا ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور " رواه البخاري .

2383 - ومسلم عن البراء .


2382 - ( وعن حذيفة قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه ) بفتح الجيم أي : أتى فراشه ومرقده ( من الليل ) أي : في بعض أجزاء الليل ، وتكلف الطيبي وتبعه ابن حجر وقال : كأنه قيل أخذ حظه من الليل إذ لكل أحد منه حظ بالسكون والنوم والراحة قال تعالى : جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه والمضجع مصدر . اهـ . ففي القاموس : ضجع كمنع ضجعا وضجوعا : وضع جنبه بالأرض ، والمضجع كمقعد موضعه ( وضع يده ) أي : كفه اليمنى ( تحت خده ) وفي رواية تحت رأسه ; إشعارا بوضعه في قبره ومن تذكر ذلك خف نومه وطاب يومه ( ثم يقول اللهم باسمك ) قيل : المراد به المسمى ، وقيل : الاسم قائد كما في قول الشاعر (

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

) ، أي : بك ( أموت وأحيا ) أي : أنام وأستيقظ ، وقيل : معناه باسمك المميت أموت وباسمك المحيي أحيا ، أو بذكر اسمك أحيا ما حييت وعليه أموت ، وقال القرطبي : قوله : ( باسمك أموت ) يدل على أن الاسم هو المسمى أي : أنت تميتني وأنت تحييني وهو كقوله تعالى : سبح اسم ربك الأعلى أي سبح ربك ، هكذا قال جل الشارحين ، نقله ميرك ( وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا ) أي : رد علينا القوة والحركة بعد ما أزالهما منا بالنوم ( وإليه النشور ) أي : الرجوع بعد الممات للحساب والجزاء يوم القيامة ، يقال نشر الميت نشورا : إذا عاش بعد الموت ، وأنشره الله ، كذا قيل ، والظاهر أن المراد بالنشور هو التفرق في طلب المعاش وغيره بعد الهدوء والسكون بالنوم وهما المشبهان بالموت والبعث بعده ، وقال النووي : المراد بأماتنا النوم ، وأما النشر فهو الإحياء للبعث بعد الموت فنبه - صلى الله عليه وسلم - بإعادة اليقظة بعد النوم الذي هو كالموت على إثبات البعث بعد الموت ، وقال أبو إسحاق الزجاج : النفس التي تفارق الإنسان عند النوم هي التي للتمييز ، والتي تفارقه عند الموت هي التي للحياة وهي التي يزول معها التنفس ، وسمي النوم موتا لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلا وتشبيها ، وقد يستعار الموت للأحوال الشاقة كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية والجهل ، وقال القرطبي : النوم والموت يجمعهما انقطاع تعلق الروح بالبدن ، وذلك قد يكون ظاهرا وهو النوم ، ولذا قيل : النوم أخو الموت ، وباطنا وهو الموت ، فإطلاق الموت على النوم يكون مجازا لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن ، وقال الطيبي : الحكمة في إطلاق الموت على النوم أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو بتحري رضا الله عنه وقصد طاعته واجتناب سخطه وعقابه ، فمن زال عنه هذا الانتفاع بالكلية فكان كالميت فحمدا لله على هذه النعمة وزوال ذلك المانع ، وهذا التأويل يطابق السابق من قوله : أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله ، ويوافق اللاحق من قوله وإن أرسلتها فاحفظها إلخ وعلى هذا ينتظم قوله : وإليه النشور أي : وإليه المرجع والمآب في نيل الثواب بما يكتسب في الحياة ، قال العلماء : وحكمة الذكر والدعاء عند النوم واليقظة أن تكون خاتمة أعماله على الطاعة ، وأول أفعاله على العبادة ( رواه البخاري ) أي : عن حذيفة ( ومسلم عن البراء ) فالحديث متفق عليه والخلاف في الصحابي ، وكذا رواه عن حذيفة أبو داود والترمذي والنسائي وابن أبي شيبة .

[ ص: 1653 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية