صفحة جزء
2394 - وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال حين يصبح ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) إلى قوله وكذلك تخرجون ، أدرك ما فاته في يومه ذلك ، ومن قالهن حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته ) رواه أبو داود .


2394 - ( وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قال حين يصبح فسبحان الله ) أي : نزهوه عما لا يليق بعظمته ، وفي حديث مرسل أنه - عليه الصلاة والسلام - قال في قول العبد سبحان الله : ( إنها براءة الله من السوء ) لا يقال النفي لا يكون مدحا إلا إذا تضمن ثبوتا لأن نفي النقص عنه يستلزم إثبات الكمال إذا الكمال مسلم له تعالى عند الكل ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) ( ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) فثبوت الكمال من صفات الجمال والجلال له لم يزل ولا يزال ، وإنما أمر الخلق بالتنزيه عن التشبيه ، ولهذا ما جاءت الرسل إلا للأمر بالتوحيد والعبادة على وجه التفريد ، أو صلوا لله وأعطوا حق عبوديته ( حين تمسون ) أي : تدخلون في المساء وهو وقت المغرب والعشاء ( وحين تصبحون ) أي : تدخلون في الصباح وهو وقت الصبح ( وله الحمد ) أي : ثابت ( في السماوات والأرض ) لأنهما نعمتان عامتان عظيمتان لأهلهما فيجب عليهم حمده ، وقيل : يحمد عند أهلهما ، وقيل : بحمده أهلهما لقوله : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) وهو جملة معترضة حالية ( وعشيا ) عطف على حين وأريد به وقت العصر ( وحين تظهرون ) أي : تدخلون في الظهيرة وهو وقت الظهر ، ولما كان هذه الأوقات محل ظهور هذه الحالات يناسبها التنزيه عن الحدوث والآفات في معالم التنزيل قال نافع بن الأزرق لابن عباس : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال : نعم ، وقرأ هاتين الآيتين ، وقال جمعت الآية [ ص: 1662 ] الصلوات الخمس ومواقيتها اهـ واختار الطيبي عموم معنى التسبيح الذي هو مطلق التنزيه فإنه المعنى الحقيقي الأولى من المعنى المجازي من إطلاق الجزء وإرادة الكل مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإن فائدة الأعم أتم ، ثم قال : فإن قلت : كان مقتضى الظاهر أن يعقب قوله وله الحمد بقوله فسبحان الله ، كما جاء سبحان الله وبحمده ، وقوله وعشيا بقوله وحين تصبحون ، فما فائدة الفصل ؟ ولم خص التسبيح بظرف الزمان ؟ والتحميد بالمكان ؟ قلت : قد مر أن الحمد أشمل من التسبيح فقدم التسبيح وعلق به الإصباح والإمساء ، وأخر التحميد وعلق به السماوات والأرض ، وإنما أدخله بين المعطوف والمعطوف عليه ليجمع في الحمد بين ظرفي الزمان والمكان ، إذ اقتران الشيء للشيء تعلق معنوي وإن لم يوجد تعلق لفظي ، ولو قدم الحمد لاشتركا في الظرفين ، ولو أخر لخص الحمد بالمكان اهـ ومن فهم حسن كلامه وطيب مرامه لا يطعن فيه بأنه مما لا يكاد يفهم من أصله ، أو مما لا تعلق له بما نحن فيه كما يعلم من تأمله على ما ذكره ابن حجر - رحمه الله - فإنه شهادة من نفسه عليه بقلة الفهم لديه ، وإن كان مرجع بعض الفقهاء إليه ( إلى قوله ) أي : تعالى كما في نسخة ( وكذلك تخرجون ) بصيغة المجهول والمعلوم وهذا اقتصار من الراوي وتمامه ( يخرج الحي ) كالجنين والفرخ ( من الميت ) كالمني والبيضة ( ويخرج الميت من الحي ) روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عكرمة بن أبي جهل فقرأ هذه الآية ، فهذا تفسير للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد بالحي المؤمن ، ومن الميت الكافر ، وفي معناهما العالم والجاهل والصالح والفاسق ، والذاكر والغافل ، ويحيي الأرض أي : بالإنبات ، بعد موتها أي : يبسها ( وكذلك ) أي : مثل ذلك الإحياء ( تخرجون ) من قبوركم أحياء للحساب والعذاب والنعيم وحسن المآب ( أدرك ما فاته ) أي : من الخير ، أي : حصل له ثواب ما فاته من ورد وخير ( في يومه ذلك ، ومن قالهن ) أي : تلك الكلمات أو الآيات ( حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته ) . ( رواه أبو داود ) وكذا ابن السني في عمل اليوم والليلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية