صفحة جزء
2397 - وعن ابن عمر قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي يعني الخسف ) . رواه أبو داود .


2397 - ( وعن ابن عمر قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدع ) أي : يترك ( هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح ) والظاهر أن كان ناقصة ، وجملة يدع خبر لها ، أي : يكن تاركا لهن في هذين الوقتين بل يداوم عليها فيهما ، وأغرب ابن حجر - رحمه الله - حيث قال : الظاهر أن ( يكن ) تامة ، وأن يدع جملة حالية من

[ ص: 1664 ] ( الفاعل أي : لم يوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حال كونه تاركا له حين يمسي وحين يصبح اهـ . ولا يخفى ما فيه من ركاكة المعنى مع قطع النظر عن ظهور نقصان الكون وخفاء تمامه ، ثم من العجيب أنه ناقض كلامه المصرح الدال على المواظبة منه - صلى الله عليه وسلم - بالاعتراض على الطيبي بقوله : وقال الشارح أخذا من كلام الكشاف : لم يكن يدع هؤلاء أي : لا يتأتى منه ذلك ولا يليق بحاله أن يدعها اهـ وفيه نظر ظاهر بل يتأتى منه تركها ، ويليق بحاله لبيان جواز تركها الواجب عليه وللاشتغال بما هو أهم منها اهـ اعتراضه الثابت به انتقاضه ، وأقول ليس مراد الشارح إلا المبالغة في المواظبة كما هي مستفادة من الرواية ، وإلا فمن الإجماع المعلوم من الدين بالضرورة أن قراءته هذا الدعاء تكن واجبة عليه - صلى الله عليه وسلم - في الوقتين المذكورين ولا في غيرهما حتى يقال بل يتأتى منه تركها إلى آخر ما ذكره الموهم منه تسليم كونه واجبا ، ويجوز له تركه لبيان جواز الترك لغيره أو للاشتغال بالأهم منه ، ثم تركت ما أطنبه من إيراد كلام الشارح وكلام صاحب الكشاف في قوله تعالى : ( فلم يك ينفعهم إيمانهم ) لعدم تعلق النفع بما لا طائل تحته ( اللهم إني أسألك العافية ) أي : السلامة من الآفات الدينية والحادثات الدنيوية بتحملها والصبر عليها والرضا بقضائها ( في الدنيا والآخرة ) وقيل : دفاع الله تعالى من العبد الأسقام والبلايا ، وهي مصدر جاء على فاعلة ، وكأنه أراد سيئ الأسقام كالبرص والجنون والجذام لما سبق من الكلام على هذا المقام ( اللهم إني أسألك العفو ) أي : التجاوز عن الذنوب ( والعافية ) أي : السلامة من العيوب ( في ديني ودنياي ) أي : في أمورهما ( وأهلي ومالي ) أي : في حقهما ( اللهم استر عوراتي ) أي : عيوبي ، أو امح ذنوبي ( وآمن روعاتي ) أي : مخوفاتي في جملة حالاتي ، وإيرادهما لصيغة الجمع في هذه الرواية إشارة إلى كثرتها ، قال الطيبي : العورة ما يستحيا منه ويسوء صاحبه أن يرى ، والروعة الفزعة ( اللهم احفظني ) أي : ادفع البلاء عني ( من بين يدي ) أي : أمامي ( ومن خلفي ) أي : ورائي ( وعن يميني وعن شمالي ) قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) : إنما عدي الفعل إلى الأولين بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه إليهم ، وإلى الأخيرين بحرف المجاوزة فإن الآتي منهما كالمنحرف عنهم المار على عرضهم ، نظيره قوله جلست عن يمينه ( ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن ) وفي نسخة من أن ( أغتال ) بصيغة المجهول أي : أوخذ بغتة وأهلك غفلة ( من تحتي ) قال زين العرب : الاغتيال هو أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد ( قال وكيع ) أحد رواة الحديث ( يعني الخسف ) أي يريد النبي - صلي الله عليه وسلم - بالاغتيال من الجهة التحتانية الخسف ، في القاموس خسف الله بفلان الأرض : غيبه فيها ، قال الطيبي : عم الجهات لأن الآفات منها ، وبالغ في جهة السفل لرداءة الآفة ، وأما ما ذكره ابن حجر من قوله : لأنه لا حيلة في دفع ما يخشى وقوعه فيها بخلاف بقية الجهات فإنه يمكن فيها الحيلة حتى جهة الفوق فمما لا يلتفت إليه ( رواه أبو داود ) وكذا ابن ماجه والنسائي وابن حبان والحاكم وابن أبي شيبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية