صفحة جزء
[ ص: 1676 ] ( باب الدعوات في الأوقات )

( الفصل الأول )

2416 - عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا ) . متفق عليه .


( باب الدعوات المتفرقة في الأوقات )

أي : المختلفة مما قدر لها الشارع ، واعلم أن كل ما ورد من الشارع في زمن أو حال مخصوص يسن لكل أحد أن يأتي به لذلك ولو مرة للاتباع ، قال ابن حجر : بل ويكون أفضل من غيره حتى القرآن ، وإن ورد لذلك الغير فضل أكثر من هذا ; لأن في الاتباع ما يربو على غيره ، ومن ثم قالوا : صلاة النافلة في البيت أفضل منها في المسجد الحرام ، وإن قلنا بالأصح أن المضاعفة تختص به اهـ وفيه بحث لأنه بإطلاقه غير صحيح ; لأن الدعوات والأذكار المسنونة المعينة في حال كالركوع والسجود وأمثالها لا شك أن الإتيان بها أفضل من تلاوة القرآن حينئذ ، وأما غيرها من الأذكار والدعوات سواء تكون معينة أو مطلقة فلا نقول إنها أفضل من القرآن لقوله - عليه الصلاة والسلام - حكاية عن ربه ( من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ) .

( الفصل الأول )

2416 - ( عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو أن أحدكم ) وفي نسخة صحيحة أحدهم ، ولو إما شرطية وجوابها محذوف أي : لنال خيرا كثيرا ، وإما للتمني وجزاؤها ( قال إذا أراد أن يأتي ) أي : يجامع ( أهله ) أي : امرأته أو جاريته أي : جماعا مباحا كما هو ظاهر ويلوح إليه أهله ، وإذا شرطية وحينئذ لا تحتاج إلى جواب أي : تمنيت ثبوت هذا لأحدكم ، وأغرب ابن حجر حيث قال : لو للتمني وجزاؤها تقديره لو ثبت حين أراد أحدهم إتيان أهله لكان حسنا لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب لأمته ما يحب لنفسه ، وإذا خبر إن ، أو ظرف لخبرها ( قال : باسم الله ) أي : مستعينا به ويذكر اسمه ( اللهم جنبنا ) أي : بعدنا ، وأغرب ابن حجر بقوله : أي بعد أنا وهي ( الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) أي : حينئذ من الولد وهو مفعول ثان لجنب ( فإنه ) تعليل أي : الشأن ( إن يقدر بينهما ولد في ذلك ) أي : الوقت أو الإتيان أي : بسببه ( لم يضره ) بفتح الراء وضمها أي : يضر دين ذلك الولد ( شيطان ) أي : من الشياطين ، أو من شياطين الإنس والجن ( أبدا ) وفيه إيماء إلى حسن خاتمة الولد ببركة ذكر الله في ابتداء وجود نطفته في الرحم ، فالضر مختص بالكفر فلا يرد ما قيل من أن كثيرا يقع ذكر ذلك ويكون الولد غير محفوظ من الشيطان ، مع أنه يمكن حمله على عمومه ويكون المراد من قال ذلك مخلصا ، أو متصفا بشروط الدعاء ، أو لم يضر ذلك الولد شيطان بالجنون والصرع ونحوهما ، وقيل : نكره بعد تعريفه أولا لأنه أراد في الأول الجنس وفي الآخر إفراده على سبيل الاستغراق والعموم ، ويجوز أن يراد بالأول إبليس وبالثاني أعم ، أو بالثاني سائر أعوانه ( متفق عليه ) ورواه الأربعة كلهم من حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : باسم الله إلخ ، فقضي بينهما ولد لم يضره ) وفي رواية للبخاري : ( لم يضره شيء أبدا ) قال الجزري في تصحيح المصابيح : أي لم يسلط عليه في دينه ، ولم يظهر مضرته في حقه بنسبة غيره ، وقيل : لم يصرعه ، وقيل : لم يطعن فيه عند الولادة بخلاف غيره . أقول : لعل مراده لم يطعن طعنا شديدا لأن المستثنى المطلق على ما ورد في الحديث إنما هو عيسى وأمه ، وأيضا هو خلاص المشاهد من أثر الطعن وهو صياح المولود عند الولادة ، وقال بعضهم : لم يحمل أحد هذا الحديث على العموم في جميع الضرر والإغواء والوسوسة اهـ وكيف يحمل على الوسوسة وغيرها مما لا يمتنع منه إلا معصوم ؟ ! لكن الصادق قد أخبر هذا فلا بد أن يكون له تأثير ظاهر وإلا فما الفائدة فيه ، ومن وفقه الله بالعمل بهذا فرأى من البركة في ولده تحقق أنه - صلى الله عليه وسلم - ما ينطق عن الهوى ، وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود موقوفا أنه إذا أنزل قال : اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبا ، ولعله يقولها في قلبه أو عند انفصاله لكراهة ذكر الله باللسان في حال الجماع بالإجماع .

[ ص: 1677 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية