صفحة جزء
2417 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم ) . متفق عليه .


2417 - ( وعنه ) أي : عن ابن عباس ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب ) بفتح الكاف وسكون الراء بعدها موحدة أي : الغم الذي يأخذ النفس ، كذا في الصحاح ، وقيل : الكرب أشد الغم قاله الواحدي ، وقال ابن حجر : هو ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه ( لا إله إلا الله العظيم ) أي : ذاتا وصفة فلا يتعاظم عليه مسألة ( الحليم ) الذي لا يعجل بالعقوبة ، فلم يعاجل بنقمته على من قصر في خدمته بل يكشف المضرة عنه برحمته ( لا إله إلا الله رب العرش العظيم ) بالجر ويرفع أي : فلا يطلب إلا منه ولا يسأل إلا عنه لأنه لا يكشف الكرب العظيم إلا الرب العظيم ( لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم ) بالوجهين ، وهذا إطناب مرغوب وإلحاح مطلوب ، نقل ابن التين عن الدراوردي أنه رواه برفع العظيم ، وكذا برفع الكريم على أنهما نعتان للرب ، والذي ثبت فيه رواية الجمهور في قوله تعالى : رب العرش الكريم بالجر ، وقرأ ابن محيصن بالرفع فيهما ، وجاء ذلك أيضا عن ابن كثير شاذا وأبي جعفر المدني ، وأعرب بوجهين أحدهما ما تقدم والثاني أن يكون مع الرفع نعتا للعرش على أنه خبر مبتدأ محذوف قطع عما قبله للمدح ، ورجح لحصول توافق الروايتين ، ورجح أبو بكر الأصم الأول لأن وصف الرب بالعظيم أولى من وصف العرش وفيه نظر لأن وصف ما يضاف إلى العظيم بالعظيم أقوى في تعظيم العظيم ، وقد نعت الهدهد عرش بلقيس بأنه عرش عظيم ولم ينكر عليه سليمان - والله تعالى أعلم - ثم في هذا الذكر إشارة بأنه لا يقدر أحد على إزالة الغم إلا الله ، قال الطيبي : هذا ذكر يترتب عليه رفع الكرب ، وقال النووي : فإن قيل : هذا ذكر وليس فيه دعاء ; فجوابه من وجهين أحدهما : أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء ثم يقول ما شاء من الدعاء ، والثاني : هو كما ورد : " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " اهـ ويؤيد الأول ما رواه أبو عوانة : " ثم يدعو بعد ذلك " أو يقال : إن الثناء يتضمن الدعاء تعريضا بألطف إيماء كمدح السائل والشاعر ومنه قول أمية بن أبي الصلت مادحا لبعض الملوك ممن يريد جائزته : [

إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه عن تعرضه الثناء

] ومن هذا القبيل : " أفضل الدعاء يوم عرفة لا إله إلا الله وحده إلخ " أو يقال : الثناء باللسان والدعاء بالجنان أو بالاتكال على الملك المنان ، كما ورد أنه قيل للخليل لم لا تسأل ربك الجليل ؟ فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ( متفق عليه ) ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية