صفحة جزء
218 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللولؤ والذهب ) رواه ابن ماجه ، وروى البيهقي في ( شعب الإيمان ) إلى قوله ( مسلم ) . وقال : هذا حديث متنه مشهور ، وإسناده ضعيف ، وقد روي من أوجه كلها ضعيف .


218 - ( وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( طلب العلم ) أي : الشرعي ( فريضة ) أي : مفروض فرض عين ( على كل مسلم ) : أو كفاية والتاء للمبالغة أي ومسلمة كما في رواية .

قال الشراح : المراد بالعلم ما لا مندوحة للعبد من تعلمه كمعرفة الصانع والعلم بوحدانيته ونبوة رسوله وكيفية الصلاة ، فإن تعلمه فرض عين ، وأما بلوغ رتبة الاجتهاد والفتيا ففرض كفاية . قال السيد : ويمكن أن يعم العلم ويحمل الكلام على المبالغة ا هـ . وفيه تأمل .

قال الأبهري : واختلف في العلم الذي هو فرض وتحزبوا فيه أكثر من عشرين فرقة ، فكان فريق نزل الوجوب على العلم الذي بصدده ا هـ .

قال الشيخ العارف الرباني السهروردي : اختلف في هذا العلم الذي هو فريضة . قيل : هو علم الإخلاص ومعرفة آفات النفس وما يفسد الأعمال لأن الإخلاص مأمور به ، فصار علمه فرضا آخر ، وقيل : معرفة الخواطر وتفصيلها فريضة لأن الخواطر هي منشأ الفعل ، وبذلك يعلم الفرق بين لمة الشيطان ولمة الملك ، وقيل : هو طلب علم الحلال حيث كان أكل الحلال واجبا ، وقيل : علم البيع والشراء والنكاح إذا أراد الدخول في شيء منها ، وقيام علم الفرائض الخمس ، وقيل : هو طلب علم التوحيد بالنظر والاستدلال والنقل ، وقيل : هو طلب علم الباطن وهو ما يزداد به العبد يقينا ، وهو الذي يكتسب بصحبة الصالحين والزهاد المقربين ، فهم وراث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ا هـ .

فإن قيل : ما الفرض قبل الفرض ؟ فقل : العلم قبل العمل ، وإن قيل : ما الفرض في الفرض ؟ فقل : الإخلاص في العلم والعمل ، وإن قيل : ما الفرض بعد العمل ؟ فقل : الخوف والرجاء . ( واضع العلم عند غير أهله ) : بأن يحدثه من لا يفهمه ، أو من يريد منه غرضا دنيويا ، أو من لا يتعلمه لله ( كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ ) : بسكون الهمزة ويبدل ( والذهب ) : قيل : يشعر بأن كل علم يختص باستعداد وله أهل ، فإذا وضعه في غير موضعه فقد ظلم ، فمثل معنى الظلم بتقليد أخس الحيوانات بأنفس الجواهر تهجينا لذلك الوضع وتنفيرا عنه ، ولذا قال علي كرم الله وجهه : حدثوا الناس بما يفهمون أو يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ، أي : إذا سمعوا ما لم تحط به عقولهم ، فإنهم يبادرون إلى تكذيبه ، وفي تعقيب هذا التمثيل بقوله : طلب العلم إعلام بأن المراد بالطلب طلب من المستعدين ما يليق بحاله : يوافق منزلته بعد حصول ما هو واجب من الفرائض العامة ، وعلى العالم أن يخص كل طالب بما هو مستعد له . ( رواه ابن ماجه ) . يعني : بكماله ، وغيره . كذا في الترغيب للمنذري ( وروى البيهقي في شعب الإيمان إلى قوله : ( مسلم ) وقال : أي : البيهقي ( هذا حديث متنه مشهور ) أي : على ألسنة الناس كذا في بداية الجزري ( وإسناده ضعيف ) ، أي : وإن كان معناه صحيحا كذا قاله النووي ( وقد روي من أوجه كلها ضعيفة ) . لكن كثرة الطرق تدل على ثبوته ويقوى بعضه ببعض . قال المزي تلميذ النووي : إن طرقه تبلغ رتبة الحسن ، وقال العلقمي في شرح الجامع الصغير : رأيت له خمسين طريقا جمعتها في جزء وحكمت بصحته ، لكن من القسم الثاني وهو الصحيح بغيره ، فقول الجزري في البداية : لا أصل له ، أي : ليس له أصل صحيح ، وقد مثل به ابن الصلاح للمشهور الذي ليس بصحيح ، لكن قال العراقي . قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه ، هذا وقد ألحق بعض المصنفين بآخر الحديث ( ومسلمة ) وليس لها ذكر في شيء من طرقه .

[ ص: 302 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية