صفحة جزء
2507 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ( متفق عليه ) .


2507 - وعنه أي عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حج لله ) أي خالصا له تعالى ( فلم يرفث ) أي في حجه بتثليث الفاء والضم أشهر قال السيوطي - رحمه الله - الرفث يطلق على الجماع ، وعلى التعريض ، وعلى الفحش في القول ، وهو المراد هنا وفاؤه مثلثة في الماضي والمضارع والأفصح الفتح في الماضي والضم في المضارع ( ولم يفسق ) بضم السين أي لم يفعل فيه كبيرة ، ولا أصر على صغيرة ، ومن الكبائر ترك التوبة عن المعاصي قال تعالى : ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ( رجع كيوم ولدته أمه ) بفتح الميم وقيل بالجر قال الطيبي - رحمه الله - أي مشابها في البراءة عن الذنوب لنفسه في يوم ولدته أمه فيه ، والرفث التصريح بذكر الجماع ، وقال الأزهري هو كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة ، وقيل الرفث في الحج إتيان النساء ، والفسوق السباب ، والجدال المماراة مع الرفقاء والخدم ، ولم يذكر الجدال في الحديث اعتمادا على الآية ، أو لدخوله في الفسق أو الرفث ، وقيل لأن المراد به النهي لا النفي .

وقال ابن الملك الرفث الفحش من القول ، وكلام الجماع عند النساء والفسق هو الخروج عن حد الاستقامة يعني العصيان ، ويوم مبني على الفتح مضاف إلى الجملة التي بعدها ، قيل رجع بمعنى صار خبره كيوم ، ويجوز أن يكون على معناه الموضوع له فيكون كيوم حالا أي رجع إلى وطنه مشابها يومه بيوم ولادته في خلوه من الذنوب ، لكن على هذا يخرج المكي عما ذكر في الحديث ، ويجوز أن يكون بمعنى فرغ من أعمال الحج اهـ .

وقد بني هذا الحديث على قوله تعالى : وسبعة إذا رجعتم على خلاف بيننا وبين الشافعي في معنى الرجوع وهو غير لازم هنا ، فنقول في الحديث رجع إلى بيته فلا يخرج المكي فتأمل .

( متفق عليه ) اعلم أن ظاهر الحديث يفيد غفران الصغائر والكبائر السابقة لكن الإجماع أن المكفرات مختصة بالصغائر عن السيئات التي لا تكون متعلقة بحقوق العباد من التبعات فإنه يتوقف على [ ص: 1742 ] إرضائهم مع أن ما عدا الشرك تحت المشيئة وقد كتبت رسالة مستقلة في تحقيق هذه المسألة ، ثم اعلم أن من حج بقصد الحج والتجارة كان ثوابه دون ثواب التخلي عن التجارة ، وكان القياس أن لا يكون للحاج التاجر ثواب لقوله - عليه الصلاة والسلام - من حج لله أي خالصا لرضاه إلا أنه صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الناس تحرجوا من التجارة وهم حرم بالحج ، فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وصح عن ابن عمر أن رجلا سأل أن يكري جماله للحج ويحج ، وأن ناسا يقولون له لا حج لك ، فقال إن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عما سألتني عنه حتى نزلت هذه الآية ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فأرسل إليه فقرأها عليه وقال لك حج وجاء بسند حسن عن ابن عباس أن رجلا سأله فقال لو آجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك ألي أجر قال أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب والله الملهم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية