صفحة جزء
2511 - وعنه قال : إن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم ، وذلك في حجة الوداع ( متفق عليه ) .


2511 - ( وعنه ) أي عن ابن عباس ( قال إن امرأة من خثعم ) بفتح الخاء المعجمة والعين المهملة ، أبو قبيلة من اليمن سموا به ويجوز منعه وصرفه ( قالت ) في صدر الحديث أن الفضل بن عباس كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل ينظر إليها وتنظر إليه ، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، وقال يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه بصره إلا من حق ، وسمعه إلا من حق ولسانه إلا من حق : غفر له أخرجه البيهقي ، كذا في الدر للسيوطي .

فقالت ( يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج ) أي في أمره وشأنه ، ويمكن في بمعنى من البيانية ( أدركت ) أي الفريضة ( أبي ) مفعول ( شيخا ) حال ( كبيرا ) نعت له قال الطيبي - رحمه الله - بأن أسلم شيخا وله المال ، أو حصل له المال في هذا الحال ( لا يثبت على الراحلة ) نعت آخر أو استئناف مبين ، أي لا يقدر على ركوبها قال ابن الملك وفيه دليل على وجوب الحج على الزمن ، والشيخ العاجز عن الحج بنفسه ، وهو قول الشافعي - رحمه الله - اهـ ، يعني خلافا لأبي حنيفة .

قال ابن الهمام رحمه الله يعني إذا لم يسبق الوجوب حالة الشيخوخة بأن لم يملك ما يوصله إلا بعدها ، وظاهر الرواية عنهما يجب الحج عليه ، إذا ملك الزاد والراحلة ومؤنة من يرفعه ويضعه ويقوده إلى المناسك ، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة .

وإذا عجز وجب عليه الإحجاج للزومه الأصل وهو الحج بالبدن ، فيجب عليه البدل وهو الإحجاج وجه قولهما حديث الخثعمية إن فريضة الحج أدركت أبي وهو شيخ كبير لا يستمسك على الراحلة أفأحج عنه قال أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان يجزئ عنه ، قالت نعم قال فدين الله أحق ولنا قوله تعالى : من استطاع إليه سبيلا قيد الإيجاب به ، والعجز لازم مع هذه الأمور لا الاستطاعة ، ( أفأحج عنه ) أي أيصح من أن أكون نائبة عنه فأحج عنه ( قال نعم ) دل على أن حج المرأة يصح عن الرجل ، وقيل لا يصح لأن المرأة تلبس في الإحرام ما لا يلبسه الرجل .

وقال مالك وأحمد رحمهما الله لا يجوز الحج عن الحي ، سواء وجد المال قبل العجز أو بعده ، كذا ذكره المظهر ، والظاهر أن معنى الحديث هو أن فريضة الحج أدركت أبي وهو عاجز أيصح مني أن أحج عنه تبرعا قال نعم ، ثم في الحديث دليل على أن الحج يقع عن الآمر وهو مختار شمس الأئمة السرخسي - رحمه الله ، وجمع من المحققين وهو ظاهر المذهب .

( وذلك ) أي المذكور جرى ( في حجة الوداع ) بفتح الواو وقيل بكسرها سميت بذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - ودع الناس فيها ، ولم يحج بعد الهجرة غيرها ، وكانت في سنة عشر من الهجرة ( متفق عليه ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية