صفحة جزء
2517 - وعن جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل نجد قرن ، ومهل أهل اليمن يلملم ( رواه مسلم )


2517 - ( وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : مهل أهل المدينة ) أي موضع إحرامهم اسم مكان هنا ، وأغرب ابن حجر في قوله أي إحرامهم ، وأصله موضع إهلالهم ثم أطلق على الزمن والمصدر من رفع صوته بالتلبية ، ووجه غرابته لا يخفى ، إذ اسم المفعول المزيد فيه مشترك بين المصدر واسم الزمان والمكان كما هو مقرر في محله من متون علم الصرف ( من ذي الحليفة ) أي من طريقه ( والطريق الآخر ) بالرفع أي مهل الطريق الآخر لهم ( الجحفة ) قال ابن الملك إذا جاءوا من طريق الجحفة فهي مهلهم اهـ .

وهو غير سديد لأن المذهب أن من جاوز وقته غير محرم ثم أتى وقتا آخر وأحرم منه أجزأه ولو كان أحرم من وقته كان أحب ، وقيل التأخير مكروه ، وقيل التأخير أنسب وفي المسألة خلاف ، الشافعي ( إذ لا يجوز عنده المجاوزة إلى الميقات الآخر ، ولذا تكلف ابن حجر في حله حيث قال : أي ومهل أهل الطريق الآخر الذي لا يمر سالكه بذي الحليفة ولا يجاوزها يمنة أو يسرة هو الجحفة ( ومهل أهل العراق ذات عرق ) وفي نسخة من ذات عرق وهي بكسر العين على مرحلتين من مكة ذكره ابن الملك .

وقال الطيبي - رحمه الله - موضع فيه عرق وهو الجبل الصغير وقيل كون ذات عرق ميقاتا ثبت باجتهاد عمر - رضي الله عنه - نص عليه الشافعي في الأم ، ويدل عليه رواية البخاري عن ابن عمر لما فتح المصران البصرة والكوفة في زمن عمر - رضي الله عنه - أي أسسا حينئذ إذ هما إسلاميتان أتوا عمر فقالوا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حد لأهل نجد قرنا وإذا أردنا أن نأتي قرنا يشق علينا قال فانظروا حدودها من طريقكم ، فحد لهم ذات عرق وجمع بينهما بأن عمر - رضي الله عنه - لم يبلغه الخبر ، فاجتهد فيه فأصاب ، ووافق السنة فهو من عاداته في موافقاته ، ولهذا نص الشافعي - رحمه الله - على كل منهما ولا ينافي ذلك أن العراق لم يفتح إلا بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام - لأنه علم أنه سيفتح فوقت لأهله ذلك ، كما وقت لأهل مصر والشام ما مر قبل فتحهما أيضا ، ثم كأهل العراق أهل خراسان وغيرهم ممن يمر بذات عرق ولا ينافيه أيضا خبر الترمذي وحسنه ، وإن اعترض بأن فيه ضعفا من أنه - عليه الصلاة والسلام - وقت لأهل المشرق العقيق فإن عرقا جبل مشرف على العقيق وقرية ذات عرق خربت ، ومن ثم قال النووي وغيره يجب على العراقي أن يتحراها ويطلب آثارها القديمة ليحرم منها .

وأقول إذا أحرم من العقيق يكون أحوط لأنه مقدم عليه ، ونظيره الجحفة ورابغ فإنه مقدم عليها ، فالاحتياط في الإحرام بالسابق ( ومهل أهل نجد قرن ) بسكون الراء ووهم الجوهري في قوله بفتح الراء فإنه اسم قبيلة ينسب إليها أويس القرني ( ومهل أهل اليمن يلملم ) رواه مسلم .

[ ص: 1747 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية