صفحة جزء
2546 - وعن ابن عمر قال : تمتع رسول الله في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ، بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ( متفق عليه ) .


2546 - ( وعن ابن عمر قال تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ) حال من العمرة أي تمتع بها منضمة إلى الحج ( بدأ ) أي ابتدأ النسك ( فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ) بيان لقوله : تمتع وظاهره أنه أدخل الحج على العمرة ، وقال ابن الملك : فأهل بالعمرة من الميقات فأتى بأفعالها ، ثم أهل بالحج من مكة ، ثم قال : فإن قيل روي أنه - عليه السلام - أفرد الحج ، وروي أنه تمتع ، وروي أنه قرن ، قلنا في التوفيق : إنه أحرم بعمرة في بدء أمره ، فمضى فيها متمتعا ، ثم أحرم بحجة قبل طوافه وأفرد لها الإحرام فصار به قارنا ، كذا روي عن الطحاوي ، انتهى وكلامه الأخير يناقض حمله الأول فتأمل .

[ ص: 1760 ] ( وقال الطيبي - رحمه الله - أي استمتع بالعمرة منضمة إلى الحج وانتفع بها ، وقيل إذا حل من عمرته ينتفع باستباحة ما كان محرما عليه إلى أن يحرم بالحج .

وكان عمر وعثمان - رضي الله عنهما - ينهيان عن التمتع نهي تنزيه ، بناء على أن الإفراد أفضل يعني أول القران ، وقال علي - رضي الله عنه - تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، ولكنا كنا خائفين ، قيل دل حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مفردا ، وحديث أنس أنه كان قارنا حيث قال ليصرخون بهما ، وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .

وفي رواية عبد الله المزني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لبيك عمرة وحجا ، ودل حديث ابن عمر أنه كان متمتعا ، وكل ذلك في حجة الوداع ، فوجه الجمع أن الفعل ينسب إلى الأمر كقولهم بنى فلان دارا إذا أمر به ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل بنفسه إلا نوعا واحدا ، وكان في أصحابه - صلى الله عليه وسلم - قارن ، ومفرد ، ومتمتع ، كل ذلك بأمره - صلى الله عليه وسلم ، فجاز نسبة الكل إليه وهذا منقول عن الشافعي - رحمه الله تعالى وفيه بحث ، إذ لم يحفظ أنه - عليه الصلاة والسلام - أمر أحدا بنوع خاص من أصناف الحج ، نعم أقر كل من فعل شيئا على صنيعه .

قال النووي - رحمه الله - والصحيح أنه كان مفردا أولا : ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك فصار قارنا ، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي ، فإن القارن يرتفق بالاقتصار على فعل واحد اهـ . أو سفر واحد قال الشمني وقد وضع ابن حزم كتابا في أنه - عليه الصلاة والسلام - كان قارنا في حجة الوداع ، وتأول باقي الأحاديث والقران أفضل مطلقا عندنا ، وقال مالك والشافعي الإفراد أفضل مطلقا وقال ، أحمد التمتع أفضل مطلقا ، ( متفق عليه ) والمشهور عن الشافعية أن الإفراد بالحج إنما يكون أفضل إذا أتى بعمرة مفردة بعده .

وقد صرح ابن حجر بأن قول من قال أفرد ثم اعتمر من التنعيم غلط فاحش منه ، وكذا قول من قال أحرم متمتعا تمتعا حل منه ثم أحرم بالحج يوم التروية ، وفيه حديث في الصحيحين ، لكن غلطوا رواية معاوية فيه بأنه - عليه الصلاة والسلام - أخبر عن نفسه بأنه ساق الهدي ، فلا يحل حتى ينحر ، وهذا خبر عن نفسه لا يدخله الوهم ، ولا الغلط بخلاف خبر غيره عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية