صفحة جزء
( 6 ) باب رمي الجمار

الفصل الأول

2618 - عن جابر - رضي الله عنه قال : رأيت النبي يرمي على راحلته يوم النحر ، ويقول : " لتأخذوا عني مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه " . رواه مسلم .


( 6 ) باب : رمي الجمار بكسر الجيم ، جمع الجمرة ، وهي الحصى الصغار ، وتقيد ابن حجر بيوم النحر ليس في محله ؛ لأن في الباب ما يدل على الأعم ، ولم يفسر الجمار بالجمرات لما يأتي من أنه بوب لرميها أيام التشريق ، والله ولي التوفيق .

الفصل الأول

2618 - عن جابر قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يوم النحر ) : قال الشافعي - رحمه الله : يستحب لمن وصل منى راكبا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ، ومن وصلها ماشيا أن يرميها ماشيا ، وفي اليومين الأولين من التشريق يرمي جميع الجمرات ماشيا ، وفي اليوم الثالث راكبا . وقال أحمد ، وإسحاق : يستحب يوم النحر أن يرمي ماشيا ، ذكره الطيبي - رحمه الله - . وقال ابن الهمام : حكى عن إبراهيم بن الجراح ، قال : دخلت على أبي يوسف في مرضه الذي توفي فيه ، ففتح عينه ، وقال : الرمي راكبا أفضل أم ماشيا أفضل ؟ فما ليس بعده وقوف فالرمي راكبا أفضل ، فقمت من عنده فما انتهيت إلى باب الدار حتى سمعت الصرخ بموته ، فتعجبت من حرصه على العلم في مثل تلك الحالة .

وفي فتاوى قاضيخان ، قال أبو حنيفة ، ومحمد - رحمهما الله : الرمي كله راكبا أفضل اهـ . لأنه روي ركوبه - عليه والصلاة والسلام - فيه كله ، وكأن أبا يوسف يحمل ما روي من ركوبه - عليه الصلاة والسلام - في رمي الجمار كلها على أنه ليظهر فعله فيقتدى به ، ويسأل ، ويحفظ عنه المناسك ، كما ذكر في طوافه راكبا في الظهيرية أطلق استحباب المشي . قال : يستحب المشي إلى الجمار ، وإن ركب إليها فلا بأس به ، والمشي أفضل ، وتظهر أولويته لأنا إذا حملنا ركوبه - عليه الصلاة والسلام - على ما قلنا يبقى كونه مؤديا عبادة ، وأداؤها ماشيا أقرب إلى التواضع ، والخشوع ، وخصوصا في هذا الزمان ، فإن عامة المسلمين مشاة في جميع الرمي ، فلا يأمن من الأذى بالركوب منهم بالزحمة اهـ . كلامه عليه الرحمة . ( ويقول ) : عطف على يرمي ، فيكون من قبيل : علفتها تبنا وماء باردا [ ص: 1815 ] أو الجملة حالية ( لتأخذا ) : واللام لام أمر ، أي : خذوا ( عني مناسككم ) : واحفظوها وعلموها الناس على طريقة : فلتفرحوا بالخطاب شاذا . قال الطيبي - رحمه الله : ويجوز أن تكون اللام للتعليل ، والمعلل محذوف أي : يقول : إنما فعلت لتأخذوا عني مناسككم ( فإني لا أدري ) مفعوله محذوف أي : لا أعلم ماذا يكون ( لعلي لا أحج بعد حجتي ) : بفتح الحاء ، وهي محتمل أن يكون مصدرا ، وأن يكون بمعنى السنة ( هذه ) أي : التي أنا فيها ( رواه مسلم ) وروى البيهقي ، وابن عبد البر ، أنه - عليه الصلاة والسلام - رمى أيام التشريق ماشيا ، زاد البيهقي : فإن صح هذا كان أولى بالاتباع ، وقال غيره : قد صححه الترمذي ، وغيره ، وزاد ابن عبد البر : وفعله جماعة من الخلفاء بعده ، وعليه العمل ، وحسبك ما رواه القاسم بن محمد : من فعل الناس ، ولا خلاف أنه - عليه الصلاة والسلام - وقف بعرفة راكبا ، ورمى الجمر ماشيا ، وذلك محفوظ من حديث جابر اهـ . ويستثنى منه رمي جمرة العقبة في أول أيام النحر ، كما لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية