صفحة جزء
2619 - وعنه قال : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمرة بمثل حصى الخذف " رواه مسلم .


2619 - ( وعنه ) أي : عن جابر ( قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمر بمثل حصى الخذف ) : وهو قدر الباقلاء ، أو النواة ، أو الأنملة ، فيكره أصغر من ذلك وأكبر منه ، وذلك للنهي عن الثاني في الخبر الصحيح ، " بأمثال هؤلاء فارموا ، وإياكم ، والغلو في الدين " ومن هنا تعجب ابن المنذر من قول مالك : الأكبر من حصى الخذف أعجب إلي . ذكره ابن حجر .

ولا وجه للتعجب لأن مالكا رجح الأكبر من جملة حصى الخذف على أصغره ، والمراد بالغلو ما زاد على قدر حصى الخذف ، فتأمل ، فإنه موضع الزلل ، ثم وجهه إما لأنه أثقل في الميزان ، أو لأنه أشد على الشيطان ، واختيار الشارع مثل حصى الخذف دون الأكبر منه رحمة للأمة في حال الزحمة . في " الهداية " : كيفية الرمي أن يضع الحصاة على ظهر إبهامه ويستعين بالمسبحة .

قال ابن الهمام : هذا التفسير يحتمل كلا من تفسيرين قيل بهما . أحدهما : أن يضع طرف إبهامه اليمنى على وسط السبابة ، ويضع الحصى على ظهر الإبهام كأنه عاقد سبعين فيرميها ، وعرف منه أن المسنون في كون الرمي باليد اليمنى ، والآخر : أن يلحق سبابته ، ويضعها على مفصل إبهامه كأنه عاقد عشرة ، وهذا في التمكن من الرمي به مع الزحمة ، والوهجة عسير ، وقيل : يأخذها بطرفي إبهامه ، وسبابته ، وهذا هو الأصح ; لأنه أيسر ، وهو المعتاد ، ولم يقم دليل على أولوية تلك الكيفية سوى قوله - صلى الله عليه وسلم : " فارموا مثل حصى الخذف " . وهذا لا يدل ، ولا يستلزم كون كيفية الرمي المطلوبة كيفية الخذف ، وإنما هو تعيين ضابط مقدار الحصاة إذا كان مقدار ما يخذف به معلوما ، وأما ما زاد في رواية صحيح مسلم بعد قوله : عليكم بحصى الخذف ، من قوله . ويشير بيده كما يخذف الإنسان يعني عندما نطق بقوله : عليكم بحصى الخذف ، وأشار بصورة الخذف بيده ، فليس يستلزم طلب كون الرمي بصورة الخذف لجواز كونه ليؤكد كون المطلوب حصى الخذف ، كأنه قال : خذوا حصى الخذف الذي هو هكذا ; ليشير أنه لا يجوز في كونه حصى الخذف ; وهذا لأنه لا يعقل في خصوص وضع الحصاة في اليد على هذه الهيئة وجه قربة ، فالظاهر أنه لا يتعلق به غرض شرعي ، بل مجرد صغر الحصاة اهـ . كلامه .

ولو رمى بحصى أخذه من عند الجمرة أجزأه ؛ لأن الرمي لا يغير صفة الحجر رأسا ؛ لأن ما عندها حصى من لم يقبل حجه ، لما روى الدارقطني ، والحاكم ، وصححه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلت : يا رسول الله ، هذه الجمار التي نرمي بها كل عام ، فنحسب أنها تنقص ، فقال : " إنه ما يقبل منها رفع ، ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال " . كذا في " شرح النقابة " للشمني ( رواه مسلم ) . [ ص: 1816 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية