صفحة جزء
2620 - وعنه قال : " رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد ذلك ، فإذا زالت الشمس " . متفق عليه .


2620 - ( وعنه ) أي : عن جابر ( قال : رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة ) في " الهداية " : ولو طرحها طرحا أجزأه . قال ابن الهمام : لأن مسمى الرمي لا ينتفي في الطرح رأسا ، بل إنما فيه مع قصور ; فتثبت الإساءة به ، بخلاف وضع الحصاة وضعا ، فإنه لا يجزئ لانتفاء حقيقة الرمي الكلية . ( يوم النحر ) أي : يوم العيد ( ضحى ) أي : وقت الضحوة من بعد طلوع الشمس إلى ما قبل الزوال ( وما بعد ذلك ) أي : بعد يوم النحر ، وهو أيام التشريق ( فإذا زالت الشمس ) أي : فرمي بعد الزوال . قال ابن الهمام : أفاد أن وقت الرمي في اليوم الثاني لا يدخل إلا بعد ذلك ، وكذا في اليوم الثالث . وفي رواية غير مشهورة عن أبي حنيفة قال : أحب إلي أن لا يرمي في اليوم الثاني ، والثالث ، حتى تزول الشمس ، فإن رمى قبل ذلك أجزأه ، وحمل المروي من فعله - عليه الصلاة والسلام - على اختيار الأفضل ، وجه الظاهر اتباع المنقول ، لعدم المعقولية ، ولم يظهر أثر تحقيق فيها بتجويز الترك لينفتح باب التخفيف بالتقديم . ( متفق عليه ) . وروى البخاري ، عن ابن عمر : كنا نتحين ، فإذا زالت الشمس رمينا ، فلا يجوز تقديم رمي يوم على زواله إجماعا على ما زعمه الماوردي ، لكن يرد عليه حكاية إمام الحرمين ، وغيره الجواز عن الأئمة . وروى أبو داود من حديث ابن إسحاق ، يبلغ به عائشة ، قالت : أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يوم حين صلى الظهر ، يعني : يوم النحر ، ثم رجع إلى منى ، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ؛ الحديث .

قال المنذري : حديث حسن ، رواه ابن حبان في صحيحه ، كذا ذكره ابن الهمام - رحمه الله - . قلت : وفيه دلالة ظاهرة على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بمكة يوم النحر ، وفي الجملة يسن تقديم الرمي على صلاة الظهر إن لم يخف فوتها ، كما دل عليه حديث ابن عمر في البخاري ، ورواه ابن ماجه ، وفي " الهداية " : وأما اليوم الرابع ، فيجوز الرمي قبل الزوال عند أبي حنيفة خلافا لهما ، ومذهبه مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - .

قال ابن الهمام : أخرج البيهقي عنه : إذا انتفخ النهار من يوم النفر ، فقد حل الرمي ، والصدر ، والانتفاخ : الارتفاع ، وفي سنده طلحة بن عمرو ضعفه البيهقي . قال ابن الهمام : ولا شك أن المعتمد في تعيين الوقت للرمي في الأول من أول النهار ، وفيما بعده من بعد الزوال ليس إلا فعله كذلك ، مع أنه غير معقول ، ولا يدخل وقته قبل الوقت الذي فعله فيه - عليه الصلاة والسلام ، كما لا يفعل في غير ذلك المكان الذي رمى فيه - عليه الصلاة والسلام ، وإنما رمى - عليه الصلاة والسلام - في الرابع بعد الزوال فلا يرمى قبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية