صفحة جزء
2647 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما ، قال : قال لي معاوية : إني قصرت من رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص . متفق عليه .


2647 - ( وعن ابن عباس قال : قال لي معاوية ) : أي : ابن أبي سفيان ( إني قصرت من رأس النبي ) : أي : شعر رأسه - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص ) : بكسر الميم ، وفتح القاف ، أي : نصل طويل عريض ، أو غير عريض له حدة ، وقيل : المراد به المقص ، وهو الأشبه في هذا المحل ، وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقصر في حجته ، بل حلق ، فيكون التقصير الذي رواه معاوية في عمرته ، والذي يدل عليه أنه قال عند المروة ، فلو كان - صلى الله عليه وسلم - حاجا لقال بمنى .

قال الطيبي - رحمه الله : كان ذلك في عمرة الجعرانة ، اعتمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة ، وأراد الرجوع منها في السنة الثامنة من الهجرة ، أو عمرة القضاء إن صح ما روي عنه أنه قال : أسلمت عام القضية ، والأصح أنه أسلم عام الفتح .

قال ابن الهمام : وأما ما استدل به القائلون بأنه - عليه الصلاة والسلام - كان متمتعا ، وأنه أحل من حديث معاوية ، قصرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص ، قالوا : ومعاوية أسلم بعد الفتح ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محرما في الفتح ، فلزم كونه في حجة الوداع ، وكونه عن إحرام العمرة ، لما رواه أبو داود ، وفي رواية من قوله : " عند المروة " والتقصير في الحج إنما يكون في منى ، فدفعه أن الأحاديث الدالة على عدم إحلاله جاءت مجيئا متظافرا يقرب القدر المشترك من [ ص: 1829 ] الشهرة التي هي قريبة من التواتر ، كحديث ابن عمر السابق ، وما تقدم في الفتح من الأحاديث ، وحديث جابر الطويل الثابت في مسلم ، وغيره ، ولو انفرد حديث ابن عمر كان مقدما على حديث معاوية ، فكيف والحال ما أعلمناك ، فلزم في حديث معاوية الشذوذ عن الجم الغفير ، فإما هو خطأ ، أو محمول على عمرة الجعرانة ، فإنه قد كان أسلم إذ ذاك ، وهي عمرة خفيت على بعض الناس ، لأنها كانت ليلا على ما في الترمذي ، والنسائي ، أنه - عليه الصلاة والسلام - خرج إلى الجعرانة ليلا معتمرا ، فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ، ثم خرج من ليلته ؛ الحديث : قال : فمن أجل ذلك خفيت على الناس ، وعلى هذا فيجب الحكم على الزيادة التي في سنن النسائي ، وهو قوله : في أيام العشر ، بالخطأ ، ولو كانت بسند صحيح إما للنسيان من معاوية ، أو من بعض الرواة عنه . ( متفق عليه ) : وأنت علمت ما سبق من كلام المحقق ، قوله : " عند المروة " ليس في الصحيحين ، بل في رواية أبي داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية