صفحة جزء
( 9 ) باب في تقديم وتأخير بعض المناسك

الفصل الأول

2655 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه ، فجاءه رجل ، فقال : لم أشعر . فحلقت قبل أن أذبح ، فقال : " اذبح ، ولا حرج " . فجاء آخر ، فقال : لم أشعر ، فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : " ارم ، ولا حرج " . فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ، ولا أخر إلا قال : " افعل ، ولا حرج " . متفق عليه .


( 9 ) [ باب في تقديم وتأخير بعض المناسك ]

بالتنوين ، والسكون ، وفي نسخة : باب جواز التقديم ، والتأخير في بعض أمور الحج ، وأما قول ابن حجر : باب في مسائل تتعلق بالحلق ، فلذا لم يؤت بالترجمة فغريب ، مع أن الباب مشتمل على ذكر الحلق ، والرمي ، والذبح ، والإفاضة .

الفصل الأول

2655 - ( عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع ) : بفتح الحاء ، والواو على الصحيح فيهما ( بمنى للناس ) : أي : لأجلهم ( يسألونه ) : حال من فاعل " وقف " أو من " الناس " أو استئناف لبيان علة الوقوف ، قاله الطيبي ، ويؤيد الأخير رواية : " وقف على راحلته ، فطفق ناس يسألونه " ؛ ( فجاء ) : وفي نسخة : فجاءه بالضمير ( رجل ، فقال : لم أشعر ) : أي : ما عرفت تقديم بعض المناسك وتأخيرها ، فيكون جاهلا [ ص: 1833 ] لقرب وجوب الحج ، أو فعلت ما ذكرت من غير شعور لكثرة الاشتغال ; فيكون مخطئا ( فحلقت قبل أن أذبح ، فقال : " اذبح ) : أي : الآن " ولا حرج " : أي : لا إثم عليك ، ولا يلزم منه عدم الفدية ( فجاء آخر ، قال : لم أشعر ، فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : " ارم ولا حرج ، فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ) : بصيغة المجهول ، أي : وحقه التأخير ( ولا أخر ) : أي : ولا عن شيء حقه التقديم ، قال الطيبي - رحمه الله : لا بد من تقدير " لا " في الأول ؛ لأن الكلام في سياق النفي ، ونظيره قوله - تعالى : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم .

وفيه بحث من وجوه منها : أن الحديث ليس داخلا في تلك القاعدة ، وهي أن " لا " إن كان ما بعدها فعلا ماضيا وجب تكرارها كقوله - تعالى : فلا صدق ولا صلى ومنها : أن الآية أيضا خارجة عنها لما في المعنى وغيره أن ما دخل عليه " لا " إن كان فعلا مضارعا لم يجب تكرارها نحو لا يحب الله الجهر بالسوء من القول و قل لا أسألكم عليه أجرا ومنها : أنه قد يتوهم من إيراده الآية ؛ نظير الوجود تكرار " ما " النافية كما هو المتبادر من عبارتها ، وليس كذلك لأن " ما " في ما يفعل ليست بنافية ، بل هي استفهامية ، أو موصولة .

ومنها : أنه جاء ترك التكرار في : لا شلت يداك ، بلا تكرار ، وكذا لا فض الله فاك ؛ لأن المراد الدعاء ، فالفعل مستقبل في المعنى ، ومنها : أنه شذ ترك التكرار في قوله :

إن تغفر اللهم فاغفر جما وأي عبد لك لا ألما

ومنها : أن تقدير " لا " في الأول ، أو الآخر فغير معروف . ( إلا قال : " افعل ، ولا حرج " قال الطيبي - رحمه الله : أفعال يوم النحر أربعة : رمي جمرة العقبة ، ثم الذبح ، ثم الحلق ، ثم طواف الإفاضة ، فقيل : هذا الترتيب سنة ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، لهذا الحديث فلا يتعلق بتركه دم ، وقال ابن جبير : إنه واجب ، وإليه ذهب جماعة من العلماء ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، وأولوا قوله : " ولا حرج " على دفع الإثم لجهله دون الفدية اهـ . ويدل على هذا أن ابن عباس روى مثل هذا الحديث ، وأوجب الدم ، فلولا أنه فهم ذلك ، وعلم أنه المراد لما أمر بخلافه . ( متفق عليه ) .

( وفي رواية لمسلم : أتاه رجل ، فقال : حلقت قبل أن أرمي ، قال : " ارم ، ولا حرج " وأتاه آخر ، قال : أفضت إلى البيت قبل أن أرمي ، فقال : ( ارم ، ولا حرج ) : اعلم أن الترتيب بين الرمي ، والذبح ، والحلق للقارن ، والمتمتع واجب عند أبي حنيفة ، وسنة عندهما ، وكذا تخصيص الذبح بأيام النحر ، وأما تخصيص الذبح بالحرم ، فإنه شرط بالاتفاق ، فلو ذبح في غير الحرم ، ولا يسقط ما لم يذبح في الحرم ، والترتيب بين الحلق والطواف ليس بواجب ، وكذا بين الرمي والطواف ، فما قيل من أن الترتيب بين الرمي والحلق ، والطواف واجب : فليس بصحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية